للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصيب إذا لم يمنع جواز الإجارة لا يمنع جواز البيع، ومنهم من لم يثبت رجوع محمد عن فصل البيع وفرق على قوله بين الإجارة والبيع.

والفرق: وهو أن الإجارة تنعقد ساعة فساعة في حق المنافع، والأجرة تجب عند استيفاء المنافع، وعند الاستيفاء النصيب معلوم، فأما البيع ينعقد حال وجوده والمبيع حال وجود البيع مجهول، فلا يجوز.

قال: رجل استأجر أرضاً، ولم يذكر أنه يزرعها، أو ذكر أنه يزرعها ولكن لم يذكر أي شيء يزرعها، فالإجارة فاسدة، أما إذا لم يذكر أنه يزرعها فالإجارة فاسدة لجهالة المعقود عليه؛ لأن الأرض تستأجر تارة للزراعة، وتارة للبناء والغرس، ذكرهما ولا رجحان للبعض على البعض مما لم يبين لا يصير المعقود عليه معلوماً.

وكذلك إذا ذكر أنه يزرعها إلا أنه لم يبين أي شيء يزرعها فالإجارة فاسدة لجهالة المعقود عليه؛ لأن الأرض تستأجر لزراعة الحنطة وتستأجر لزراعة الشعير وتستأجر لزراعة الذرة والأرز وتفاوت ذلك في حق الأرض تفاوتاً فاحشاً مما لم يبين شيئاً من ذلك لا يصير المعقود عليه معلوماً، فإن زرعها نوعاً من هذه الأنواع ومضت المدة فالقياس أن يجب أجر المثل؛ لأنه استوفى المعقود عليه بحكم عقد فاسد.

وفي الاستحسان يجب المسمى، وينقلب العقد جائزاً؛ لأن المعقود عليه صار معلوماً بالاستعمال والإجارة بعد في الانعقاد، فصار ارتفاع الجهالة في هذه الحالة وارتفاعها لدى العقد سواء، فيجوز العقد.

وعلى هذا إذا استأجر دابة إلى بغداد ليحمل عليها، ولم يذكر أي شيء يحمل عليها فالإجارة فاسدة؛ لأن الأحمال متفاوتة، فإن اختصما قبل أن يحمل عليها شيئاً أبطل القاضي الإجارة؛ لأن العقد الفاسد يجب نقضه وإبطاله، وإن حمل عليها ما يحمل الناس على مثلها، وهلكت في الطريق فلا ضمان؛ لأنه حمل عليها بإذن، وإن بلغ ذلك المكان المسمى فعليه أجر المثل قياساً، والمسمى استحساناً، وقد مر وجه القياس والاستحسان في المسألة المتقدمة.

قال: وإذا استأجر الرجل إبلاً إلى مكة ليحمل عليها محملاً فيه رجلان وما يصلحهما من الغطاء والدثر، وقد رأى المكاري الرجلين، ولم ير الغطاء والدثر فهو فاسد قياساً لجهالة المحمول وفي الاستحسان يجوز وينصرف ذلك إلى ما يحتاج إليه مثلها في طريق مكة من الغطاء والدثر، وذلك معلوم عرفاً فيما بينهم، والمعلوم عرفاً كالمعلوم شرطاً.

وكذلك إذا استأجر راحلة يحمل عليها كذا كذا من الدقيق والسويق وما يصلحهما من الخل والزيت، ويعلق بها من المعاليق من المطهرة وما أشبهها، ولم يبين شيئاً من ذلك فهو على القياس والاستحسان الذي ذكرنا.

وإذا استأجر إبلاً أو حماراً ليحمل عليها الحنطة ولم يبين مقدار الحنطة، ولا أشار إليها ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» من كتاب الإجارات أنه لا يجوز، وذكر شمس الأئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>