كما لو قال: بع عبدي ليكون الثمن بيني وبينك يكون الثمن كله لصاحب العبد لأنه عوض ملكه ويكون للبائع أجر مثل عمله لا يجاوز نصف الثمن في قول أبي يوسف وعند محمد يجب بالغاً ما بلغ وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الشركة وكذلك إن أجروا البيت بعينه أو أجروا الرحى، فالأجر كله لصاحب البيت أو لصاحب الرحى وعلى صاحب البيت أجر مثل الجمل وأجر مثل الرحى وإن اشتركوا على أن يتقبلوا الأعمال من الناس كان جائزاً؛ لأن الشركة مبناها على الوكالة والتوكيل بتقبل الأعمال جائز وكانت شركة لفعل جائزاً بخلاف الفعل الأول؛ لأنهم ما اشتركوا ليتقبلوا الأعمال، وإنما اشتركوا ليؤاجروا ومال كل واحد منهم ليكون أجر ذلك بينهم والشركة على هذا الوجه فاسدة.
قال: وإذا كان لرجل بيت ونهر ورحى ومتاعها فانكسر الحجر الأعلى فجاء رجل فنصب مكانه حجراً بغير أمر صاحبه وجعل يطحن للناس بأجر معلوم وينتقل الطعام بالأجر فهو مستثنى في ذلك ولا أجر عليه والأجر يكون له ويكون مستثنياً فكذلك هذا والوكالة وضع الحجر الأعلى برضا من صاحبه على أن الكسب بينهما نصفان وعلى أن يعملا بأنفسهما كان هذا مثل الباب الأول يعني متى أجروا الحجر الأعلى كان جميع الأجر لصاحب الحجر الأعلى وإن تقبل كل واحد منهم فهو بينهم على قياس مسألة الجمل لا فرق بينهما.
فإن قيل: ليس على قياسه فإن الحجر الأعلى لا يمكن أن ينتفع به وحده.
قلنا: والجمل مما لا يمكن أن ينتفع به وحده في عمل الطحن فلا فرق بينه وبين الحجر.
فإن قلت: ينتفع به في غير الطحن.
قلنا: والحجر ينتفع به في غير الطحن فلا فرق بينهما.
قال: ولو أن رجلاً بنى على نهر بيتاً ونصب فيه رحى بغير رضا صاحب النهر ثم يقبل الطعام فطحنه فكسب مالاً كان الكسب له؛ لأنه هو العاقد للأجرة فيكون الأجر له ويصير غاصباً لأرضه فتعتبر فيه أحكام الغصب فيضمن ما انتقص من أرضه كغاصب الأرض ولكن لا يضمن الماء؛ لأن الماء قبل الإجرار غير مملوك لصاحب النهر فلا يضمن للماء شيئاً والله أعلم.
[الفصل الرابع والعشرون: في الكفالة بالأجر وبالمعقود عليه]
وتجوز الحوالة والكفالة بالأجر في جميع الإجارات سواء كانت الأجرة واجبة وقت الكفالة باستيفاء المنافع أو باشتراط التعجيل، أو لم تكن واجبة إن كانت واجبة، فلأن الكفالة جعلت بدين مضمون على الأصيل يجبر الأصيل على إيفائه ويمكن استيفاؤه من الكفيل، فإن يمكنه الإيفاء من ماله وهذا هو الأصل في باب الكفالة، أن الكفالة متى