بعض من ولاه فقضاؤه جائز له وعليه، وسيأتي في الفصل الذي يلي هذا الفصل ما يؤكد هذا القول.
والذي يشهد للقول الأول ما ذكر هشام في «نوادره» قال سألت محمداً رحمه الله عن قاض وجب له الشفعة قبل رجل فلم يعطها إياه، وجحد، والوالي الذي في بلاده ليس بمن يولي القضاء، كيف يصنع؟ قال: ينبغي للوالي أن يقول لهما: اختارا رجلاً يحكم بينكما، قلت: فإن أبى الرجل ذلك أجبره عليه قال: نعم، فقد أشار محمد رحمه الله إلى التحكيم في هذه الصورة، ولو صار حكم الخليفة للقاضي لا حاجة إلى التحكيم.
قال هشام: سألته عن قاضي البلدة إذا مات وواليها ممن لا يولى القضاء أيجبر الخصوم على رجل يحكم بينهم؟ قال: أما كل شيء يحتاج فيه إلى أن يرجع المقضي عليه إلى آخر فلا يجوز، ولا يجبر عليه، وأما ما كان من قرض، أو غصب يجبر عليه.
وفي «المنتقى» : إذا خاصم ابن القاضي غيره إليه، أو خاصم غيره ابنه إليه ينظر فيه، فإن توجه القضاء على ابنه يقضي على ابنه، وإن توجه لابنه تركهما، ويقول لهما: اختصما إلى غيري.
[الفصل السابع: في جلوس القاضي ومكان جلوسه]
قال الخصاف رحمه الله في «أدب القاضي» قال أبو حنيفة: وينبغي للقاضي أن يجلس للحكم في المسجد الجامع وبين المعنى، فقال: لأنه أشهر المجالس، ومعناه أنه في المصر الغرباء وأهل البلدة، فينبغي أن يختار للجلوس موضعاً هو أشهر المواضع، حتى لا يخفى على أحد مجلسه، والمسجد الجامع في كل موضع أشهر المواضع، قال الشيخ الإمام فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله: هذا إذا كان المسجد الجامع في وسط البلدة؛ كيلا يلحق بعض الخصوم زيادة مشقة بالذهاب إلى طرف البلدة، وإن جلس في مسجد حيه فلا بأس به، هكذا روي عن بعض السلف أنهم يجلسون في مسجد حيهم.
وكذلك إن جلس في بيته لا بأس به، قال فخر الإسلام: هذا إذا كان مسجد حيه أو بيته في وسط البلدة، ويختار مسجد السوق؛ لأنه أشهر، قال الخصاف في «أدب القاضي» : أيضاً وإذا دخل المسجد لا بأس بأن يسلم على الخصوم فقد صح أن شريحاً رضي الله عنه كان يسلم على الخصوم وهذا، لأن السلام سنة متبعة، والقاضي (٦٧آ٤) بسبب قضائه لا يمتنع عن سائر السنن كصلاة الجنازة، وعيادة المريض، فكذا عن هذه السنة، والمراد من السلام المذكور التسليم العام، ولا ينبغي له أن يسلم على أحد الخصمين؛ لأن الذي سلم عليه القاضي قد يجترئ على صاحبه فيطمع الجور في القاضي.
واختلف المشايخ في التسليم العام، ذكر الخصاف رحمه الله أنه لا بأس به وبعض