رجلاً في الخبز أعطاه المشترك نصف ثمن الحنطة، ونصف النفقة، وكذلك هذا في القطن وغزله وحياكته وفي السمسم وعصره، ولو كان هو الذي طحن وخبز، أو غزل ونسج، ولم يعطه عليه أجراً، وباقي المسألة بحالها، فعليه نصف الثمن لا غير، ولا شيء عليه لعمله في «المنتقى» .
[الفصل الثالث في المفاوضة]
هذا الفصل يشتمل على أنواع
نوع منهافيما يوجب بطلانها بعد صحتها
إذا اشتريا بأحد المالين شيئاً، ففي القياس تبطل المفاوضة؛ لأن المشترى صار بينهما نصفان، والآخر مختص بملك رأس المال؛ لأن رأس مال كل واحد منهما قبل الخلط باقٍ على ملكه، فتنعدم المساواة.
وفي الاستحسان: لا تبطل المفاوضة؛ إما لأن المساواة لم تنعدم؛ لأن الآخر إن ملك نصف المشترى، فقد صار نصف الثمن مستحقاً عليه لصاحبه؛ ولأنه وإن انعدمت المساواة فالتحرز عنه غير ممكن عادة، فإنهما قل ما يجدان شيئاً واحداً يشتريانه بمالهما، فلا بد من أن يكون الشراء بأحد المالين سابقاً كما لو كان رأس مالهما على السواء يوم الشركة حتى صحت المفاوضة؛ صار في أحدهما فضل قبل أن يشتريا بأن ازدادت قيمة أحد النقدين بعد عقد المفاوضة قبل الشراء؛ انتقضت المفاوضة؛ لأن عقد الشركة ليس لازم فلقائه حكم الابتداء إن لم يتم المقصود، وأما لم يتم المقصود، وإنما لم يتم المقصود بالشراء، فتحول الزيادة قبل الزيادة بمنزلة الزيادة وقت العقد.
وبهذا الطريق قلنا: لو ورث أحد المتفاوضين ما يصلح أن يكون رأس مال الشركة؛ تبطل المفاوضة.
قال محمد رحمه الله: وهذا إذا اشترى بأحد المالين وزاد الآخر؛ لأن المقصود لم يتم فيما لم يشتره، فصار كأن الزيادة كانت موجودة في الابتداء، وإن حصل الفضل بعد الشراء بالمالين، فالمفاوضة على مالهما؛ لأن المقصود قد حصل بالشراء وتأتي عقد الشركة، وكذلك إذا وقع أخذ المشترى بأحد المالين، وزاد الذي وقع الشراء به بعد ذلك لا تنقض المفاوضة لما قلنا.
وإذا هلك أحد المالين قبل الشراء انتقضت الشركة؛ لأنه يأتي على ملك صاحبه، فإذا هلك فقد فات محل العقد، فيبطل العقد، فإن اشترى الآخر بعد ذلك بماله ذكر هذه المسألة في «الأصل» : في بعض المواضع أن المشترى له خاصة، وذكر في بعض المواضع أن المشترى مشترك بينهما، وذكر هذه المسألة في شرح القدوري (١٣٧أ٢)