وقال بعضهم: يطيب، وقال بعضهم: يرد إلى المعطي على وجه التمليك.
ثم المعطي هل يثاب على ذلك؟ قال بعضهم: يثاب ثواب المجاملة مع الناس والبر بهم، ولا يثاب ثواب الصدقة، واستشهد في «الكتاب» حجة لأبي يوسف في المسألة المختلفة، قال: هو بمنزلة رجل توضأ بماء وصلى، ثم تبين أنه كان غير طاهر، وذكر أن هذا يجزئه ما لم يعلم، فإذا علم عاد، قال شمس الأئمة الحلواني: وتحت هذا اللفظ فائدة عظيمة، فإنه جعل تلك الصلاة مجزئة ما لم يعلم أنها فاسدة في الحقيقة قال رحمه الله: وكذلك كل صلاة وقعت فاسدة، وهو يظن أنها وقعت جائزة، فمات قبل العلم لم يعاقب، والعبرة لما عنده لا بما عند الله، قال رحمه الله: ونظيره ما روي عن أبي يوسف فيمن اشترى جاريته وطأها مراراً، ثم استحقت إن وطأها حلال له، ولا يسقط إحصانه؛ لأنه وطئها وعنده أنها ملكه فاعتبر ما عنده، وعلى قول أبي حنيفة ومحمد: الوطء حرام، إلا أنه لا إثم عليه.
وإذا شك في حال المدفوع إليه فدفع إليه من غير تحر إن ظهر أنه غني، أو وقع في أكثر رأيه أنه غني، أو لم يعلم شيء لا يجوز، وإن ظهر أنه فقير يجوز، وإن وقع في أكثر (١٠٥أ٢) رأيه بعد ذلك أنه فقير اختلف المشايخ فيه، أكثرهم على أنه لا يجوز، وأما إذا اشتبه عليه حال المدفوع إليه، وتحرى ووقع في أكثر رأيه أنه غني، فدفع إليه مع ذلك لا يجزئه ما لم يعلم فقره، وإذا علم أنه فقير اختلف المشايخ فيه على ثلاثة أقاويل: بعضهم قالوا: يجوز إجماعاً، وبعضهم قالوا: لا يجوز إجماعاً، وبعضهم قالوا: عند أبي حنيفة ومحمد لا يجوز، وعند أبي يوسف يجوز على عكس ما ذكرنا من الاختلاف، قال شمس الأئمة السرخسي: والأصح هو الجواز.
ثم في المسألة المختلفة بين أبي حنيفة ومحمد وبين أبي يوسف، لو ظهر أن المدفوع إليه أب الدافع، أو ابنه كان على الخلاف في ظاهر الرواية، وذكر أبو شجاع عن أبي حنيفة أنه لا يجوز، لو ظهر أن المدفوع إليه هاشمي كان على الخلاف في ظاهر الرواية، وذكر في «جامع البرامكة» عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه لا يجوز، وإن ظهر أن المدفوع إليه ذمي، كان على هذا الخلاف في ظاهر الرواية، وذكر أبو يوسف في «الأمالي» عن أبي حنيفة: أنه لا يجوز، وإن ظهر أنه حربي مستأمن ذكر في «نوادر الزكاة» أنه على هذا الخلاف، وذكر في «جامع البرامكة» عن أبي حنيفة: أنه لا يجوز، وإن ظهر أنه حربي غير مستأمن لا يجوز عند أبي حنيفة باتفاق الروايات، وإن ظهر أنه عبده لا يجزئه إجماعاً، وإن ظهر أنه مكاتبه فعن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان.
[الفصل الثالث في التحري في الثياب، والمساليخ، والأواني، والموتى]
إذا كان مع الرجل ثوبان، أو ثياب، والبعض نجس، والبعض طاهر، فإن أمكن التمييز بالعلامة يميز، وإن تعذر التمييز بالعلامة إن كانت الحالة حالة الاضطرار بأن لا يجد ثوباً طاهراً بيقين، واحتاج إلى الصلاة، وليس معه ما يغسل به أحد الثوبين أو أحد