شهادتهم، وإن أشهدا أبناء الميت أو غيرهما لرجلين على الميت بدين، ثم شهد هذان المشهود لهما لرجلين آخرين على الميت بدين جازت شهادتهم، لأنه لا تهمة في هذه الشهادة؛ لأنه عسى يلحقهما ضرر بنقصان حقهما إذا لم تف التركة بحقهما ولا تعلق لدين الغير بدينهما فقبلت شهادتهما لهذا.٥
وذكر الخصاف في «أدب القاضي» إذا شهد رجلان لرجلين أنهما ابنا الميت، ثم شهد المشهود لهما للشاهدين على الميت بدين، لا تقبل شهادتهما؛ لأن حق الغريم يثبت في التركة كما أن حق الوارث يثبت في التركة، فيتمكن تهمة الشركة في هذه الشهادة.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمهما الله: في رجل له على ميت دين فقضى القاضي له بدينه، وقد ترك الميت وفاء مما عليه من الدين، ثم إن المقضي له شهد لورثة الميت بحق للميت لا تجوز شهادته؛ لأن ذمة الميت إذا حرمت بالموت يتعلق الدين بتركته، فإذا شهد الغريم بحق للميت فقد شهد بما هو متعلق حقه، فكانت هذه شهادة لنفسه فتقبل.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمه الله: في رجلين لهما على رجل ألف درهم بينهما نصفان، فشهد أحدهما على صاحبه ورجل آخر أنه أقر أن اسمه في الصك عارية وأن حصته من ذلك المال لفلان، قال: شهادة الشريك جائزة؛ لأن هذه شهادة استجمعت شرائطها ولا تهمة فيها، لأن الشريك بهذه الشهادة لا يجّر إلى نفسه مغنماً، ولا يدفع عن نفسه مغرماً، أقصى ما في الباب أنه يتوهم له نوع منفعة هاهنا بإبطال حق الرجوع على المشهود عليه في الثاني إذا قبض الشاهد نصيبه من الألف، إلا أن هذا وهم عسى أن لا يكون بأن يقبضا جميعاً أو يبرئا الأجراء فهو عن نصيبه، ولا يجوز رد شهادة استجمعت شرائطها بالوهم ولو كان قبض من المال نصفه أو شيئاً منه ثم شهدا لهذا لم أقبل شهادتهما، لأنه ثبت لشريكه حق مشاركته فيما قبض، فهو بهذه الشهادة يريد إبطال ذلك الحق.
قال: وإنما هذا بمنزلة ثلاثة نفر لهم على رجل ألف درهم، فشهد اثنان منهم على الثالث أنه أبرأ الغريم عن حصته، إن شهدا قبل أن يقبضا شيئاً من المال، قبلت شهادتهما وإن شهدا بعدما قبضا شيئاً من المال، لا تقبل شهادتهما؛ لأن بعد القبض بشهادتهما يريدان إبطال حق المشاركة على الشريك فيما قبضا، ولا كذلك قبل القبض فكذا هاهنا.
[الفصل الحادي عشر: في شهادة أهل الكفر والشهادة عليهم]
شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض مقبولة، اتفقت مللهم أو اختلفت وكذلك شهادة أهل الذمة على المستأمنين مقبولة، وشهادة المستأمنين بعضهم على بعض مقبولة، إذا كانوا من أهل دار واحدة، وإن كانوا من أهل دارين مختلفين، كالروم والترك لا تقبل