يقفها الرجل ولها حجر، فقال الواقف: إن بعض الحجر لم يدخل في الوقف قال: ما كان من هذه مما يشتمل عليه حدود الدار، فهي داخلة في الوقف، والدار لا يشبه الضياع من قبل أن جيران الدار والملاصقين بها لا يكاد يشكل عليهم أمرها وحدودها، فإن كان أشكل ذلك على الجيران حتى لا يعرفوها، فالقول قول الواقف.d
ولأهل الوقف أن ينازعوه وأن يستحلفوه على ما أنكر من ذلك.
فإن لم يكن وقفها على قوم وإنما وقفه على وجوه البر من يكون الخصم فيه؟ قال: من نازعه في ذلك من المسلمين وقدمه إلى الحاكم ينظر، فإن كان المنازع في ذلك رجلاً من أهل الستر والصلاح تطوع بالقيام لذلك ليس ممن يشاكل الناس وما رأى الحاكم أن يجعله خصماً في ذلك فعل ما هو أصلح.
وقف في يد الواقف يصرف الأموال على القرابة ومواليه يفضل البعض على البعض ويضع فيمن شاء، ثم مات هذا الواقف، وأوصى إلى آخر ولم يبين كيف كان سبيل الواقف، فالثاني يصرف إلى من يصرف إليه الأول؛ لأن الظاهر أن الأول إلى من كان يصرف الزيادة عرف قراباته ومواليه يصرفه إلى الفقراء.
[الفصل الحادي والعشرون: في المساجد وهو أنواع]
نوع منه الإضافة إلى ما بعد الموت أو الوصية ليست بشرط لصيرورة المكان مسجداً صحة ولزوماً عند أبي حنيفة بخلاف سائر الأوقاف على مذهبه، وقول أبي حنيفة في المسجد في أنه لا يشترط الإضافة إلى ما بعد الموت أو الوصية كقولهما، وأما القبض والتسليم شرط لصيرورته مسجداً عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف ليس بشرط حتى إن عنده يصير مسجداً بمجرد البناء، وعندهما لا يصير مسجداً بمجرد البناء ما لم يوجد القبض والتسليم، وبالصلاة بجماعة يقع القبض والتسليم بلا خلاف حتى إنه إذا بنى مسجداً وأذن للناس بالصلاة فيه فصلى فيه جماعة، فإنه يصير مسجداً ويشترط مع ذلك أن تكون الصلاة بأذان وإقامة جهراً لا سراً حتى لو صلى جماعة بغير أذان وإقامة سراً لا جهراً لا يصير مسجداً عندهما ولا يقع القبض والتسليم بالصلاة وحده عند محمد، وعن أبي حنيفة روايتان في رواية الحسن لا يقع القبض والتسليم وفي رواية غيره يقع القبض والتسليم.
فإن جعل مؤذناً وإماماً وهو رجل واحد، فأذن وأقام وصلى وحده صار مسجداً بالاتفاق؛ لأن أداء صلاته كالجماعة، ألا ترى أن أصحابنا قالوا: مؤذن مسجد إذا أذن وأقام وصلى وحده ليس لمن يجيء بعد ذلك أن يصلي بالجماعة في ذلك المسجد.
في «فتاوي سمرقند» فإن كان هذا الرجل الذي جعل مسجداً صلى فيه بنفسه يصير مسجداً، ذكر هلال في «وقفه» ما يدل على أنه يصير مسجداً، فإنه قال: كان أبو حنيفة