للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: لا يكون مسجداً حتى يصلى فيه وقوله يصلى فيه على ما لم يسم فاعله، فهذا دليل على أن صلاته وحده وصلاة غيره فيه سواء.

وروى (٢٣ب٣) الحسن عن أبي حنيفة: أن يشترط صلاة غيره وبقبض المتولي هل يصير مسجداً من غير أن يصلى فيه؟ فقد اختلف المشايخ فيه ويكتفى بصلاة واحدة بالجماعة لصيرورته مسجداً ذكره في «الوقف» للحسن بن زياد. وفي «وقف هلال» البصري والخصاف قال أبو حنيفة: لا يكون مسجداً حتى يصلى فيه جماعة بإذنه.

قال في آخر صلاة «الإملاء» : رواية بشر بن الوليد قال أبو حنيفة: لا يصير مسجداً حتى يقول: صلوا فيه جماعة أبداً، ولو أمر القوم أن يصلوا فيه جماعة صلاة أو صلوات يوماً أو شهراً لا يكون مسجداً حتى يقول ما بيناه من القول.

وذكر الصدر الشهيد في «واقعاته» في باب العين من كتاب الهبة والصدقة رجل له أرض ساحة لا بناء فيها، أمر قوماً أن يصلوا فيها بجماعة، فهذا على ثلاثة أوجه: أما إن أمرهم بالصلاة فيها أبداً نصاً بأن قال: صلوا فيها أبداً أو أمرهم مطلقاً ونوي الأبد وفي هذين الوجهين صارت الساحة مسجداً لو مات لا يورث عنه، وأما إن وقت الأمر باليوم أو الشهر أو السنة وفي هذا الوجه لا تصير الساحة مسجداً لو مات تورث عنه.

في «فتاوي أبي الليث» : سئل الفقيه أبو جعفر عن وقف بجنب المسجد والوقف على المسجد، فأرادوا أن يرفدوا في المسجد من ذلك الوقف قال: يجوز وينبغي أن يفعل ذلك بإذن الحاكم؛ لأن الولاية للحاكم. وسئل أبو القاسم عن أهل مسجد أراد بعضهم أن يجعلوا المسجد رحبة أو الرحبة مسجداً أو نجد موالٍ له باباً أو يحولوا بابه عن موضعه، فأبى البعض ذلك، فإذا اجتمع أكثرهم وأفضلهم على ذلك، فليس للأقل منعهم عنه.

وفي قسمة «فتاوي أبي الليث» الطريق إذا كان واسعاً فبنى فيه أهل المحلة مسجداً للعامة ولا يضر ذلك بالطريق فلا بأس به؛ لأن الطريق لهم والمسجد لهم أيضاً، وإن أراد أهل المحلة أن يدخلوا أشياء من الطريق في دورهم نص في «العيون» أنه ليس لهم ذلك، وإن كان لا يضر ذلك بالطريق؛ لأن الطريق للمسلمين والدور لأربابها خاصة.

وإن أرادوا أن يجعلوا شيئاً من المسجد طريقاً للمسلمين، فقد قيل: ليس لهم ذلك وإنه صحيح. وفي كراهية «فتاوي أهل سمرقند» قوم بنوا مسجداً واحتاجوا إلى مكان ليتسع وبجنبه طريق المسلمين، فأخذوا شيئاً من الطريق وأدخلوه في المسجد إن كان لا يضر بأصحاب الطريق رجوت أن لا يكون به بأساً، ولو ضاق المسجد على الناس وبجنبه أرض لرجل تؤخذ أرضه بالقيمة كرهاً منه صح عن عمر وكثير من الصحابة وصفهم أنهم أخذوا أرضين بكره من أصحابها، وزادوا في المسجد الحرام حين ضاق بهم.

وفي «فتاوي النسفي» : سئل شيخ الإسلام أبو الحسن عن متولي مسجد جعل منزلاً موقوفاً على المسجد مسجداً وصلى فيه الناس سنين ثم ترك الصلاة فيه، فأعيد منزلاً مستعملاً ينفق عليه على ذلك المسجد كما كان، قال: يجوز، قيل: فهل صح جعل المتولي المنزل مسجداً؟ قال: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>