إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال لها: أنت طالق إن شاء الله، فعلى قول أبي يوسف تطلق، لأنه لا توقف على مشيئة الله تعالى.
[الفصل الثاني عشر في الحلف على الأفعال]
المحيط البرهانى
هذا الفصل يشتمل على أنواع منه أيضاً في الصلاة والصوم والحج:
إذا حلف لا يصلي فصلى صلاة فاسدة بأن صلى بغير طهارة مثلاً لا يحنث في يمينه استحساناً، لأن مطلق الاسم ينصرف إلى الكامل، والكامل من التصرفات والأفعال ما يفيد حكمها. وحكم الصلاة سقوط الفرض وحصول الثواب، وكل ذلك لا يحصل بالصلاة الفاسدة، ولو نوى الفاسد صدق ديانة وقضاء؛ لأن الصلاة الفاسدة صلاة صورة لا معنى. وإطلاق الشيء على صورته جائز مجازاً، فقد نوى ما يحتملهُ لفظهُ وفيه تغليظ عليه؛ لأن مع هذه النية يحنث بالجائز والفاسد جميعاً. في هذه الصورة الجمع بين الحقيقة والمجاز، وإنما طريقه أنه وجد في الصحيح ما في الفاسد وزيادة، والزيادة على شرط الحنث لا يمنع الحنث.
ولو كان عقد يمينه على الماضي بأن قال: إن كنت صليت فهذا على الجائز والفاسد جميعاً، وإن نوى الجائز في الماضي خاصة صحت نيته فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء.
ولو قال: عبده حر إن صلى اليوم صلاة، فصلى ركعة قطعها (٣٧٨ب١) لا يحنث في يمينه، لأن المنفي باليمين فعل الصلاة وأن يكون المفعول صلاة فمطلق الاسم ينصرف إلى الكامل، والركعة الواحدة ليست بصلاة كاملة، لأنها لا تفيد حكم الصلاة لأنها بترة فإن «النبي صلى الله عليه وسلّمنهى عن البتيراء والبتيراء ركعة واحدة» .
ولو قال: عبده حر إن صلى اليوم، ولم يقل: صلاة فصلى ركعة واحدة حنث في يمينه؛ لأن المنفي باليمين ههنا فعل الصلاة وكون المفعول صلاة، وإذا صلى ركعة واحدة فقد فَعَلَ فِعْلَ الصلاة فوجد شرط الحنث فيحنث، إلا أنه إذا قطعها بعد ذلك فقد انتقض فعل الصلاة ولكن بعد صحته، والانتقاض إنما يظهر في حق حكم يفيد الانتقاض، والحنث بعد تحققه لا يفيد الانتقاض.
فإن قيل: شرط الحنث فعل الصلاة وبالركعة الواحدة لا يصير فاعلاً فعل الصلاة؛ لأن الصلاة اسم لأفعال مجموعة من جملة ذلك القعدة، ولا قعدة في الركعة الأولى. قلنا: لا بدّ فيه (من) قعدة فإن بعد ما رفع رأسه من السجدة الأخيرة يقعد لا محالة إلا أن هذه القعدة لا تجزىء عن فعل الصلاة، لكن المنفي باليمين الإتيان بفعل الصلاة لا الإتيان بفعل يجزىء عن فعل الصلاة.