للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل التاسع: في الوقف على ولده وولد ولده ونسله وما يتصل بذاك]

إذا وقف الرجل أرضه على ولده ومن بعده على المساكين وقفاً صحيحاً، فإنما يدخل تحت الوقف الولد الموجود يوم وجود الغلة سواء كان موجوداً (١١ب٣) يوم الوقف أو وجد بعد ذلك وهذا قول هلال. وبه أخذ مشايخ بلخ، وقال يوسف بن خالد السمتي: يدخل تحت الوقف الولد الموجود يوم الوقف، وأراد بهذا الوجود: الخلق، على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى، قال: لأن الحق إنما يملكه في الوقف يوم الوقف بدلالة أن الواقف لا يقدر على الرجوع منه على قول مجيزي الوقف، ولا يملك إدخال غيرهم عليهم ويعتبر شرط يوم الوقف فصار يوم الوقف كيوم موت الموصي في الوصية. ومن أوصى لولد عبد الله، ننظر إلى ولد عبد الله يوم موت الموصي في الوصية كذلك ههنا.

ووجه قول هلال أن الموقوف عليه لا يملك الرقبة، بل يملك الغلة، والغلة معدومة يوم الوقف والمعدوم لا يملك، وإنما يملك الموجود، فصار في حق الموقوف عليه يوم وجود الغلة كيوم موت الموصي في حق الموصى له وفي حق الواقف رقبة الوقف تزول عن ملكه يوم الوقف فروعي شرطه يوم يزول ملكه.

ولو قال: على ولدي وعلى من يحدث لي من الولد، فإذا انقرضوا فعلى المساكين، فالجواب عليه كالجواب في الفصل الأول، وهو أنه ينظر إلى ولده يوم وجود الغلة؛ لأن قوله وعلى من يحدث لي من الولد شرط لو لم يذكر لكان معتبراً، فإنه لو حدث له ولد بعد الوقف قبل الغلة يشاركهم، فإذا شرط كان الشرط تأكيداً لمقتضاه لا تغييراً.

(ولو) قال: أرضي هذه صدقة موقوفة على من يحدث لي من الولد وليس له ولد، فإنه يجوز، فإذا أدركت الغلة قسمت على الفقراء، فإن أحدث له ولد بعد ذلك فلاحظ له من هذه الغلة؛ لأن أوان استحقاق هذه الغلة سبق حدوث هذا الولد، ولكن الغلة التي توجد بعد ذلك تصرف إلى هذا الولد ما بقي، فإذا لم يبق له ولد صرفت الغلة إلى الفقراء؛ لأن قوله صدقة موقوفة تكون وقفاً على الفقراء، وذكر الولد لاستثناء الغلة من الفقراء فصار كأنه قال: أرضي موقوفة على الفقراء إلا أنه إن حدث لي ولد فغلتها له ما بقي، فإن ولدت امرأته الحرة أو أم الولد الولد بعد مجيء الغلة لأقل من ستة أشهر يشركهم هذا الولد في هذه الغلة؛ لأنه كان موجوداً وقت مجي الغلة.

وإن جاءت لستة أشهر فصاعدا لم يشركهم؛ لأن استحقاقهم ثابت ظاهراً، ووجوده في ذلك الوقت مشكوك فيه لجواز أنه حدث من بعد، فلا تثبت مزاحمته بالشك، ولو كان له أمة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم وجدت الغلة فادعاه يثبت نسبه منه، ويكون ابنه ولا يدخل في هذه الغلة، ويدخل فيما يأتي بعد ذلك من الغلات، ولا يصدق على هذا الرجل على أن يدخل مع أولاده الذين استحقوا هذه الغلة ولد لا يعرف إلا بقوله، فإن مات الواقف ساعة جاءت الغلة فجاءت امرأته بولد ما بينها وبين سنتين من الساعة

<<  <  ج: ص:  >  >>