مطالبته بالوصية، فكانا متهمين فيه فلا يقبل. وإن كان المشهود له طالباً لذلك لا تقبل شهادتهما في الفصول كلها، لانعدام الشهادة فيما هو حقوق العباد.
[الفصل السابع: فيما يجوز من الشهادات وما لا يجوز]
قال محمد رحمه الله: رجلان في أيديهما مال وديعة لرجل، فادعاه رجل فشهد المودعان بذلك جازت شهادتهما. وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا تجوز شهادتهما؛ لأن بقبول الوديعة صارا مقرَّين بالملك للمودع، فكانا متناقضين في أن هذا العين ملك المدعي، فيطلب شهادتهما لمكان التناقض. وجه ظاهر الرواية أن هذه شهادة خلت عن التهمة؛ لأنها شهادة للغير من كل وجه، وليس فيهما جرُّ منفعة إلى الشاهد، ولا دفع مغرم عنه، وشهادة العدل إذا خلت عن التهمة، فالأصل فيها القبول، وما يقول بأن بقبول الوديعة صار مقراً بالملك للمودع هذا ممنوع؛ فإن الإيداع كما يكون من المالك يكون من نائب المالك، فلم تنتف جهة النيابة ههنا إذ لم يمكن للمودعين أن يقولا: قبلنا الوديعة من فلان، إلا أنه كان نائبا عن هذا المدعي في الإيداع، ومهما أمكن التوفيق لا يحمل على وجه التناقض، ولئن سلمنا أن قبول الوديعة إقرارٌ بالملك للمودع لكن هذا ليس بإقرار مفصح به، بل هو إقرار في ضمن الوديعة، وقد يطلب الوديعة بهذه الشهادة، فيبطل ما ثبت في ضمنه، ولو أن المدعي أقام شاهدين سوى هذين المودعين، ثم شهد المودعان على إقرار المدعي أن هذا العين للمودع لا تقبل شهادتهما، سواء كانت الوديعة قائمة أو مستهلكة إن كانت قائمة؛ لأنهما بهذه الشهادة يجران إلى أنفسهما مغنماً وهو.... يدهما على هذا المال وإن كانت مستهلكة لأنهما يدفعان بهذه الشهادة عن أنفسهما مغرماً، لأنه ظهر أنهما كانا مودعا الغاصب والمودع الغاصب ضامن، فهما بهذه الشهادة يبرآن أنفسهما عن الضمان بخلاف المسألة الأولى، لأن هناك المودعان بشهادتهما يبطلان يد أنفسهما إن كانت الوديعة قائمة، ويوجبان الضمان على أنفسهما إن كانت الوديعة مستهلكةً، ولو أنهما كانا ردا الوديعة على المودع ثم شهدا على إقرار المودع أن الوديعة خرجت عن أيديهما بالرد ولا يبرآن ذمتهما عن الضمان لبراءتها عن الضمان بالرد، لأن مودع الغاصب يبرأ
بالرد على الغاصب.
وفي «المنتقى» وإذا شهد المودع أن الذي أودعه أقر أنه عبد جازت شهادته، وكذلك الجارية؛ لأنه لم يشهد على الوديعة والعارية بعينها، ولو شهدا أن الذي استودعها أو أعارها باعها من هذا المدعي لم تجز شهادتهما، لأنه يبطل سبيل رب الوديعة عليه، حتى لا يجوز دفعها إليه، وفيما إذا شهدا على إقرار المودع أنه عبد ما أبطلا سبيله:(١٢٦ب٤) لأن العبد يأخذها ويبرأ بالدفع إليه، وإذا كان العبد وديعة في يدي الرجلين