شهدا أن المولى كاتبه أو دبّره أو أعتقه والعبد يدعي ذلك جاز، ولا يشبه هذا البيع؛ لأن العتق خروج عن ملك إلى غير ملك.
قال في «الجامع» : رجلان ارتهنا من رجل غلاماً بألف درهم لهما عليهما، ثم ادعى رجل أن الرهن له، وشهد له المرتهنان بذلك جازت شهادتهما؛ لأنهما لم يشهدا لأنفسهما، بل شهدا على أنفسهما بإبطال اليد والحبس، ولم يصيرا متناقضين أيضاً؛ لأن قبول الرهن لا يكون إقراراً بالملك للأمن، لأن الرهن كما يكون من المالك يكون من غير المالك، بأن يستعير رجل من آخر عيناً ليرهن بالدين.
ولو شهد المرتهنان على إقرار المدعي أن العبد للراهنين والعبد قائم في يده أو هلك، لا يقبل شهادتهما؛ لأنهما يدفعان عن أنفسهما مغرماً، وهو: الضمان إن كان قد هلك، ويجران إلى أنفسهما مغنماً وهو تقرير اليد التي هي حقهما، وإن كانا قد ردا الرهن إلى الراهن تقبل شهادتهما، ولو أنكر المرتهنان ما ادعاه المدعي وشهد به الراهنان لا تقبل شهادتهما على المرتهنين، لأنهما بعقد الرهن أوجبا حقاً للمرتهنين في المرهون، وإذا شهدا أنه ملك المدعي فقد سعيا في نقض ما تم بهما، فلا تقبل شهادتهما، بخلاف المرتهنين حيث تقبل شهادتهما وإن صارا ساعيين في نقض ما تم بالإنسان، إنما يمنع قبول الشهادة إذا كان لا يملك البعض إلا بالشهادة، والمرتهن يملك النقض من غير رضا الراهن بالرد، إذ الرهن من جانب المرتهن غير لازم فلا يمنع قبول الشهادة، بخلاف جانب الراهن، وإذا لم تقبل شهادة الراهنين على المرتهن ضمن الراهنان قيمة العبد للمرعي؛ لأنهما لما شهدا للمدعي فقد صارا مقرين أنهما كانا غاصبين لهذا العبد وقد عجزا عن رده إلى المدعي لحق المرتهنين فيضمنان القيمة.
ولو ارتهن رجلان من رجل جارية قيمتها ألف درهم بألف درهم وقبضاها، فماتت في أيديهما ثم ادعاها رجل، فشهد المرتهنان أنها كانت لهذا المدعي لا تقبل شهادتهما، لأنهما بشهادتهما يجران إلى أنفسهما مغنماً، فإنهما صارا مستوفين دينهما بالهلاك، وبهذه الشهادة يعيدان الدين على الراهن بعدما سقط من حيث الظاهر، إلا أنهما يضمنان قيمتها للمدعي؛ لأنهما أقرا أنهما كانا غاصبين للجارية وقد عجزا عن رد الجارية، فكان عليهما قيمة الجارية، بخلاف ما لو شهد المرتهنان بذلك حال قيام الرهن، حيث تقبل شهادتهما؛ لأنهما بشهادتهما لا يعيدان ديناً على الراهن بعد السقوط؛ لأن الدين في ذمة الراهن قبل هلاك الرهن وإنما يسقط بالهلاك، ولا يحولان ضماناً وجب عليهما للراهن إلى المدعي، لأن الرهن مضمون عليهما بالدين لا بالقيمة، وبشهادتهما لا يتحول ضمان الدين إلى المدعي بل تجب عليهما القيمة للمدعي على اعتبار الهلاك، ويسقط ملك اليد الثابت لهما، فكانا جارَّين إلى أنفسهما مغرماً لا مغنماً.
رجلان غصبا من رجل عبداً وثبت ذلك عند القاضي بإقرارهما أو ببينة قامت عليهما، ثم ادعى رجل آخر العبد المغصوب، وشهد له الغاصبان بذلك، فإن شهدا بعدما رد المغصوب قبلت شهادتهما لخلو شهادتهما عن المناقضة والتهمة، أما المناقضة