للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظاهر، وأما التهمة: فلأنه ليس فيها جر مغنم، ولا دفع مغرم لبراءة الشاهدين عن الضمان بالرد عن المغصوب منه.

ولو شهدا والعبد في أيديهما لا تقبل هذه الشهادة، لتمكن التهمة في هذه الشهادة؛ لما فيها من تحويل ضمان الرد إلى غير المغصوب منه، وللشاهدين في ذلك فائدة للتفاوت بين الناس في المطالبة والخصومة.

وكذلك لو شهدا بعد هلاك المغصوب في أيديهما لا تقبل شهادتهما، سواء قضى القاضي بالقيمة أو لم يقض، وسواء دفعا القيمة إلى المغصوب منه أو لم يدفعا، أما قبل القضاء فلتحويلهما ما وجب عليهما من الضمان للمغصوب منه إلى المدعي، ولهما فيه فائدة على ما مر، فكانت في هذه الشهادة نوع تهمة، وأما بعد القضاء قبل دفع القيمة، فلهذه العلة ولعلة أخرى: وهي أن الشاهدين عند قضاء القاضي ملكا العبد بمقابلة الضمان، فصار من حيث الحكم كأنهما اشتريا العبد، ولو صارا مشتريين للعبد حقيقة ثم شهدا بالعبد للمدعي لا تقبل شهادتهما، فكذا إذا ثبت بينهما بيع حكمي، وأما بعد دفع القيمة فللعلة الثانية.

ثم قال: وكذلك العرض وكل دين فشهادتهما في ذلك باطلة قضياه أو لم يقضيا، وصورته: إذا شهد المستقرضان أن ما أقرضهما المقرض كان للمدعي لا تقبل شهادتهما، أما قبل قضاء الدين فلوجهين، أحدهما: أنهما يحولان ما وجب عليهما من الضمان للمقرض إلى المدعي، والثاني: أن الاستقراض بدأ حقيقة إن كان استعاره حكماً، فكان المستقرض بمعنى المشتري، والمشتري إذا شهد بالمشترى لغيره لا تقبل شهادته لما قلنا، كذا ههنا، وأما بعد القضاء فللعلة الثانية.

رجلان اشتريا من رجل جارية شراء فاسداً بألف، وقبضاها ثم ادعاها الآخر، فشهد المشتريان أنها للمدعي، فهو على التفاصيل التي قلنا في الغصب، لأن المشترى شراء فاسداً مضمون على المشتري بنفسه لا بغيره فكان كالغاصب، إلا أن بين هذه المسألة وبين مسألة الغصب فرق من وجه أن في مسألة الشراء، المدعي يأخذ الجارية من المشتريين قبل نقض البيع، وفي الغصب لا يأخذ، لأن في الغاصب إنما أقر بالجارية للمدعي، وهي ملك غيره ظاهراً، فلم يصح إقراره، والمشترى شراء فاسداً أقر بالجارية للمدعي وهي ملكه في الظاهر فيؤمران بردها إلى المدعي، ثم يضمن المشتريان قيمة الجارية للبائع لعجزهما عن رد عين الجارية إليه.

قال محمد في «الأصل» : ولو كان المشتريان مع بائعهما نقضا البيع أو نقض القاضي البيع فلم يقبض البائع الجارية حتى شهدا للمدعي بالجارية يعني المشتريان، لم يلزمهما تسليم الجارية، لإقرارهما بالجارية للمدعي وهي ملك غيرهما.

رجل اشترى من رجل جارية شراء صحيحاً، وتقابضا وتقالا البيع أوردَّها المشتري بالعيب بغير قضاء وقبلها البائع، ثم جاء رجل وادعى أن الجارية له، فشهد المشتري ورجل آخر أن الجارية للمدعي، فشهادتهما باطلة، سواء كانت هي محبوسة بالثمن عند المشتري أو دفعا إلى البائع، لأن الرد بالعيب بعد القبض بتراضيهما، والإقالة بمنزلة بيع

<<  <  ج: ص:  >  >>