وحمل الجنائز من غير فائدة فيكره؛ قال شمس الأئمة السرخسي في شرح «السير» : لو لم يكن في نقله إلا تأخير دفنه، لكان كافياً في كراهته، وذكر شيخ الإسلام في «شرحه» : أن نقل الميت من بلد إلى بلد لغرض ليس بمكروه.
وفي «العيون» : ذكر مطلقاً أن نقل الميت من بلد إلى بلد ليس بمكروه، وحكم قراءة القرآن في المقابر مر قبل هذا فلا نعيده.
[الفصل السادس عشر في معاملة أهل الذمة]
........ التي تعود إليهم يجب أن يعلم بأن أهل الذمة لا يمنعون عن الدخول في سائر المساجد، سوى المسجد الحرام عندنا خلافاً لمالك، وهل يمنعون؛ ذكر في «الجامع» ذكر محمد رحمه الله تعالى في «السير الكبير» في باب دخول الكافر في المسجد: أنهم يمنعون، وذكر في «الجامع الصغير:» أنهم لا يمنعون، وهكذا ذكر الكرخي في «مختصره» ؛ قيل: ما ذكر في «الجامع الصغير» قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وبه كان يقول محمد أولاً ثم رجع وقال: يمنعون، وهو المذكور في «السير» .
فوجه قول محمد الآخر قول الله تعالى:{فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}(التوبة:٢٨) أي بعد عام الفتح، فقد خص المسجد الحرام بالنهي عن الدخول، فيدل على حرمة الدخول إليه، واختصار الحرمة عليه.j
وجه قول أبي حنيفة وأبي يوسف: أن القاضي إنما يجلس للقضاء في المسجد الحرام، وأهل الذمة لا يجدون بداً من رفع خلافاتهم إليه، وكذلك المسألة ربما يكون به حق على الذمي فلا يجد بداً من إدخاله المسجد، فلو لم يجز لهم الدخول في المسجد الحرام أدى إلى إبطال حقوقهم، وحقوق المسلمين، وفساد ذلك ما لا يخفى بهذا الطريق؛ جاز الدخول في سائر المساجد، والجواب عن التعليق بالآية ما حكي عن الفقيه أبي جعفر الهنداوي: أنه ليس المراد من القربان المذكور في الآية القربان من جهة الدخول، وإنما المراد القربان من حيث التدبير والاستيلاء، والقيام بالعمارة، فرؤساء قريش كانوا يلون ذلك قبل الفتح، وبعد الفتح منعوا عن ذلك، فإنه روي عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه لما دخل مكة عام الفتح أخذ مفاتيح المسجد منهم، ودفعها إلى من أراد من المسلمين.
وجواب آخر إن كان المراد من القربان المذكور في الآية الدخول، ولكن على الوجه الذي اعتادوا في الجاهلية، وهو الدخول لعبادة غير الله تعالى والطوف لا على الوجه المشروع، فإنه روي أنهم كانوا يطوفون بالبيت عرياناً.