عليهم بعد ذلك، فإن لم يضع السلطان مواضعها، قال الصدر الشهيد رحمه الله: وبهذا أفتي.
هذا هو الكلام في صدقات الأموال الظاهرة، فأما إذا أخذ صدقات الأموال الباطنة ونوى صاحب المال الصدقة عند الأداء، اختلف المشايخ فيه، قال الصدر الشهيد: الصحيح أنه يفتى بالأداء ثانياً؛ لأن أخذ السلطان منه لم يصح، إذ ليس له ولاية أخذ صدقات الأموال الباطنة.
[الفصل التاسع في المسائل المتعلقة بمعطي الزكاة]
وفي «الجامع الأصغر» : سئل أبو حفص عمن دفع زكاة ماله إلى رجل وامرأة أن يتصدقا بها، فأعطى ولد نفسه الكبير أو الصغير أو امرأته، وهم محاويج، جاز هذا إذا كان المأمور فقيراً، فأما إذا كان المأمور غنياً يجب أن تكون المسألة على الخلاف، كما إذا أدى صاحب المال بنفسه.
وفي «الفتاوى» عن الحسن: رجل أعطى رجلاً دراهم يتصدق بها على الفقراء، فلم يتصدق حتى نوى الآمر من زكاته من غير أن يقول شيئاً، ثم تصدق المأمور، جاز من زكاته، وكذا لو أمره أن يتصدق بها عن كفارة يمينه، ثم نوى زكاة ماله، ثم تصدق.
وفي «المنتقى» : رجل أمر رجلاً أن يؤدي عنه زكاة ماله فأداه قال: يجوز عنه، ولا يرجع على الآمر بما أدى، قال: وكذلك الشريك المفاوض وشريك العنان، أمر شريكه بأداء الزكاة عنه، فأداها لم يرجع على الآمر إلا أن يقول: على أنها لك حل.
وفي «مجموع النوازل» : سئل نجم الدين: عن المؤذن يقوم عند حضور السؤال من الفقراء لأخذ الصدقات من أهل الجماعة، فدفع إنسان إليه درهماً، ولم يحضر نية الزكاة، فقبل أن يدفع المؤذن ذلك إلى الفقير نوى عن الزكاة، ثم دفع المؤذن ذلك إلى الفقراء قال: تجزئة عن الزكاة، ويد المؤذن يد الدافع إلى أن يصل إلى الفقير، وسئل الفقيه عمن جمع دراهم الفقيه أخذها من الناس، والناس أعطوا الدرهم من زكاة مالهم واضح أكثر من مائتي درهم هل تجزئهم من الزكاة؟ فهذا على وجهين:
أما إن كان الذي جمع الدراهم جمع بأمر الفقيه أو من غير أمر الفقيه، فإن كان جمع بأمر الفقيه جاز لكل من أعطى قبل أن يبلغ مائتي درهم إذا كان الفقيه فقيراً، ولا يجوز لمن أعطى بعدما بلغ مائتي درهم، إذا لم يكن على الفقيه دين، وإن كانوا لا يعلمون ذلك جاز في قول أبي حنيفة، ومحمد.
وإن كان جمع الدراهم من غير أمر الفقيه، فإنه يجوز من زكاتهم في الحالين جميعاً، ولكن يكره لمن أعطى بعد المائتين؛ لأن الذي يجمع يصير وكيلاً للدافعين في دفع ذلك إلى الفقيه في هذه الصورة، وكأنهم دفعوا بأنفسهم، ولو دفعوا بأنفسهم إلى