بل تعظيماً للبيت، حتى لا يكون القدوم عليه لقصد الزيارة وكأنه تمام التعظيم بالقصد للزيارة مر في البيت وحريمه وهو المواقيت، فإذا لم يرد دخول مكة لو لزمه الإحرام لزمه لحق المواقيت نفسه، وهو لا يلزم لحق المواقيت نفسه، وبعدما وصل إلى ذلك المكان التحق بأهل ذلك المكان، ولأهل ذلك المكان دخول مكة بغير إحرام، فكذلك لهذا الرجل الذي التحق بهم.
وعن أبي يوسف أنه شرط نية الإقامة بذلك المكان خمسة عشر يوماً؛ لأن نية الإقامة خمسة عشر يوماً يصير متوطناً به، فيلتحق بأهله، فأما إذا نوى الإقامة أقل من خمسة عشر يوماً فهو ماض على سفره، فلا يلتحق بأهل ذلك المكان؛ فلا يدخل مكة بغير إحرام.
وفيه أيضاً: إذا جاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم بعمرة وأفسدها قضى فيها؛ لأن الإحرام عقد لازم لا يخرج المرء عنه إلا بأداء الأفعال، وقضائها بعد ذلك؛ لأنه التزمها بوصف الصحة، ولم يؤدها ولا دم عليه لترك الوقت إذا نقضها من الوقت كله، والقضاء يقوم مقام الأداء، فكأنه لم يفسد العمرة.
[الفصل الخامس: فيما يحرم على المحرم بسبب إحرامه وما لا يحرم]
هذا الفصل يشتمل على أنواع:
نوع منه في الصيود. قال الكرخي في كتابه في بيان حد الصيد: أن الصيد هو الحيوان المتوحش بأصل الخلقة، وهو المذكور في كتاب اللغة، قال محمد رحمه الله: صيد البحر حلال للمحرم قال الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر}(المائدة: ٩٦) وأما صيد البر، فجنسه حرام على المحرم إلا ما استثناه رسول الله عليه السلام، قال الكرخي في «كتابه» : صيد البرّ ما يكون مثواه وتوالده في البرّ، وصيد البحر ما يكون توالده ومثواه في البحر، والمعتبر هو التوالد دون الكينونة؛ لأن الأصل هو التوالد، والكينونة تكون بعارض، فيعتبر الأصل، فيتناول جنسه مأكول اللحم.
وفي «المنتقى» عن محمد رحمه الله: أن كلّ حيوان يعيش في الماء، فهو صيد البحر، وكل حيوان يعيش في البرّ إذا أخرج من الماء، فهو صيد البر، وينطوي في صيد البرّ مأكول اللحم وغير مأكول اللحم؛ لأن الله ذكر الصيد في آية التحريم بلام التعريف حيث قال:{لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم}(المائدة: ٩٥) فتناول جنسه، واسم الصيد فما يتناول مأكول اللحم ويتناول غير مأكول اللحم لما ذكرنا من حد الصيد إلا أن البعض صار مستثنى عن التحريم ببيان رسول الله عليه السلام، حيث قال: «خمس من الفواسق يقتلن في الحرم الفأرة والحية والعقرب والحدأة والكلب (١٧٢ب١) العقور» ، وفي بعض الروايات