ولو أقام الأجنبي بينة أنها داري غصبها مني هذا الأكبر، وأقام الأكبر بينة أنها داري غصبها مني هذا الأجنبي، وأقام الأصغر بينة أنها داري غصبها مني هذا الأجنبي، فإنه يقضي للأصغر بالنصف الذي في يد الأكبر؛ لأن دعوى الأجنبي قد بطل فيه بدعوى الأصغر الغصب فيه على الأجنبي، وإقامة البينة على ذلك، ويقضى بالنصف الذي كان في يد الأصغر بين الأكبر والأجنبي نصفان؛ لأنه استوى فيه دعوى الأكبر والأجنبي؛ لأن كل واحد منهما ادعى الملك فيه لنفسه، وادعى الغصب فيه على صاحبه، فيقضى بينهما.
ولو أقام الأكبر بينة أنها داري غصبها مني هذا الأصغر وأقام الأصغر، بينة أنها داري غصبها مني هذا الأكبر، وأقام الأجنبي بينة أنها داري غصبها مني هذا الأكبر والأصغر، فللأجنبي نصف الدار، والنصف الآخر بين الأكبر والأصغر نصفان.
حكي عن القاضي الإمام أبي عاصم العامري أنه قال ما ذكر من الجواب غلط وقع من الكاتب، وينبغي أن يقضي بجميع الدار للأجنبي؛ لأن الأجنبي أبطل دعوى كل واحد منهما، وبينته بإثباته الغصب عليهما، وواحد منهما لم يبطل دعوى الأجنبي وبينته؛ لأنه لم يثبت الغصب عليه، فتبطل دعواهما وبينتهما، وبقي دعوى الأجنبي وبينته، فيقضي بجميع الدار للأجنبي من هذا الوجه، وعامة المشايخ على أن ما ذكر في «الكتاب» صحيح.
ووجه ذلك: أن الأجنبي لما ادعى الغصب عليهما كان مدعياً على كل واحد منهما؛ لأنه يدعي الغصب فيه على صاحبه، أما الأكبر فظاهر، وأما الأجنبي؛ فلأنه لا يدعي الغصب على الأكبر فيما في يد الأصغر، إنما يدعي الغصب فيه على الأصغر، فيقضى بذلك النصف بين الأكبر والأجنبي نصفان، وأما النصف الذي في يد الأكبر تنازع فيه الأصغر والأجنبي، وقد استويا فيه دعوى وحجة؛ لأن كل واحد منهما لا يدعي الغصب فيه على صاحبه على نحو ما بينا في طرف الأصغر، فيقضى بذلك النصف بين الأجنبي والأصغر نصفان، فحصل للأجنبي نصف الدار، ولصاحبي اليد نصف الدار من هذا الوجه، فكان ما ذكر في «الكتاب» صحيحاً والله أعلم.
[الفصل الرابع: في دعوى الملك في الأعيان بسببنحو الشراء أو الميراث الهبة وما أشبه ذلك]
فنقول: هذا الفصل يشتمل على أنواع أيضاً:
الأول: في دعوى الخارجين وإنه على وجهين: إما أن يدعيا تلقي الملك من جهة اثنين، أو من جهة واحد، صورة ما إذا ادعيا تلقي الملك من جهة اثنين.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : دار في يدي رجل ادعاها رجلان كل واحد يدعي أنها داره، ورثها من أبيه فلان، وأقاما على ذلك بينة، فإن لم يؤرّخا أو أرّخا