العتق على إجازة أحد سوى الموصى له، فإن الغرماء أو الورثة لو أجازوا ذلك العتق لا ينفذ، فجاز أن يتوقف على إجازة الموصى له.
وأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف: فإنما لا يتوقف هذا العتق على المقر له؛ لأنه وجد قبل سبب الملك أو بعد وجود سبب قاصر، والعتق عندهما قبل وجود سبب الملك، أو بعد وجود سبب قاصر لا يتوقف.
بيان ذلك: العتق من المقر له، إنما حصل بعدما أبطل القاضي وصيته، وكذب الوارث في إقراره بالقضاء بالشهود به للمشهود له، وهو السبب المتيقن لملك المقر له؛ إلا أن الوارث مصر على إقراره، فأمر بتسليم المقر به إلى المقر له بالإقرار الموجود بعد الإعتاق، فكان الإعتاق حاصلاً قبل سبب الملك، وإن لم يبطل السبب بقضاء القاضي لا أقل من أن ينتقض السبب.
والأصل عندهما: أن العتق إنما يتوقف بعد وجود تمام سبب الملك، وبهذا الحرف خرج مسألة المشتري من الغاصب؛ لأن هناك العتق وجد بعد تمام سبب الملك على ما عرف في تلك المسألة، أما ههنا بخلافه، والله أعلم.
الفصل الخامس والعشرون: في دعوى الرجلين عبداً في يد آخر ودعوى كل واحد منهماالإيداع من صاحب اليد، وإقرار صاحب اليد لأحدهما، وفي دعوى الرجل عيناً في يدي رجل وإقرار صاحب اليدبالعين له، ثم دعوى صاحب اليد الإيداع من جهة غيره
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : عبد في يدي رجل ادعاه رجلان كل واحد منهما يدعيه أنه عبده أودعه (عند) الذي هو في يديه وذو اليد يجحد ولا يقر بل يسكت، فالقاضي يسمع بينتهما عليه؛ لأن الساكت أنزل منكراً حتى يصل المدعي إلى إثبات حقه، وهذا لأن المدعي استحق الجواب عليه إما بنعم أو لا، والسكوت محتمل الأمرين، فأثبتا الإنكار؛ لأنه احتيج في الاستحقاق به إلى قرينة أخرى وهي البينة.
فلو أن القاضي سمع شهادة شهودهما إلا أنه لم يقض بشهادة الشهود لعدم ظهور عدالتهم يقضي بالعبد بينهما نصفان، وكان ينبغي أن يقضي بجميع العبد للذي لم يقر له ذو اليد؛ لأن ذا اليد لما أقر به لأحد المدعيين، فقد صار العبد مملوكاً له رقبة ويداً، ونزل المقر له مع غير المقر له منزلة ذي اليد مع الخارج إذا أقاما البينة على الملك المطلق، وهناك قضي بكل العبد للخارج واعتبره بما إذا أقر لأحدهما قبل إقامتهما البينة، ثم أقاما البينة وهناك يقضى بالعبد لغير المقر له بالطريق الذي قلنا.
والجواب وهو الفرق بينما قبل إقامة البينة، وبينما بعدها أن التزكية لا تجعل الشهادة حجة، بل تظهر كونها حجة موجبة للاستحقاق من وقت (٢٢٢أ٤) وجودها،