للمشهود له؛ بطلت وصية المقر له، فإنما أعتق ما ليس بمملوك، فلا يصح إعتاقه، ولا كذلك ما قبل قضاء القاضي للمشهود له؛ لأن قبل قضاء القاضي وصية المقر له على الصحة، فإنما أعتق المقر له ملك نفسه، فإن وصل العبد المشهود إلى يد الوارث يوماً من الدهر بوجه من الوجوه، يؤمر بتسليم المقر به إلى المقر له، لأن في زعم الوارث أن هذا العبد لم يكن موصىً به، وأنه في يد المشهود له بحكم الغصب.l
فإذا وصل إليه بطريق من الطرق؛ كان واصلاً إليه بحكم الميراث، فيؤمر بتسليم المقر به إلى المقر له؛ لأن قبل هذا إنما كان لا يؤمر به مع إقراره أنه موصى به لانعدام شرطه وهو سلامة ضعفه له، فإذا وصل إليه المشهود به بحجة الميراث، فقد سلم له ضعف المقر به فأمر بالتسليم إلى المقر له.
فإن قيل: أليس إنكم قلتم: إن القاضي لما قضى للمشهود له بالمشهود به، فقد أبطل وصية المقر له في المقر به، وبعدما بطل حقه في المقر به كيف يؤمر بتسليم المقر به إليه؟.
قلنا: معنى قولنا: أبطل وصية المقر له أنه امتنع من تنفيذ وصيته في المقر به لانعدام شرطه، وهو سلامة ضعفه للوارث، وقد جعل هذا الشرط بوصول سالم إليه، فيجب تنفيذ وصية المقر له، ويجوز أن يمتنع نفوذ الوصية لمعنى من المعاني، ثم يجب تنفيذه عند زوال ذلك المعنى.
ألا ترى أن من أوصى بعبد لإنسان ثم مات وعليه دين مستغرق، فإنه لا يجب تنفيذ الوصية في العبد لمكان الدين، فإن سقط الدين بمعنى من المعاني نحو الإبراء أو ما أشبهه، فإنه يجب تنفيذ الوصية فيه لزوال المانع كذا هاهنا.
أو نقول: بأن القاضي وإن أبطل وصية المقر له إلا أن الوارث مصر على إقراره بالوصية له، فأمر بالتسليم بحكم هذا الإقرار.
ثم قال: ولا يعتق العبد المقر به على المقر له بذلك الإعتاق السابق، فلم يصحح هذا العتق من المقر له على سبيل التوقف، وإنه وجد بعد سبب الملك له، وهو إقرار الوارث، والعتق مما يتوقف على المعتق إذا وجد بعد وجود سبب الملك.
أما عند محمد، فإنما لم يتوقف هذا العتق على المقر له؛ لأنه لا توقف على مالك ظاهر وهو الوارث، فإن المقر به ملك الوارث ظاهراً، ولهذا لو أجاز الوارث هذا العتق ينفذ عليه.
والأصل عند محمد: أن العتق متى توقف على إجازة مالك ظاهر لا يتوقف على غيره كما في المشتري من الغاصب إذا أعتق، فإنه لا يتوقف عليه، لأنه توقف على إجازة مالك ظاهر، فلا يتوقف على غيره وهو المشتري.
وبهذا الحرف يقع الفرق في مسألتنا ومسألة المشتري من الغاصب على مذهبه، وبينما إذا أوصى الرجل بعبده لإنسان، ثم مات الموصي، وعليه دين يحيط بماله، ثم إن الغرماء أبرؤوا الميت عن الدين، فإن العتق ينفذ على الموصى له، لأن هناك ما توقف