الاستيلاد صار المستولد مستهلك نصيب الشريك وعادت الكتابة إلى نصيب الشريك وكملت لبقاء الكتابة في نصيب المستولد وهي غير متجزئة عندهما فتثبت في النصف الذي يملكه المستولد ضرورة عدم التجزؤ ثم يضمن المستولد لشريكه نصف قيمتها موسراً كان أو معسراً؛ لأنه يملك نصيب الشريك وضمان التملك لا يختلف.
ثم اختلف المشايخ رحمهم الله في كيفية الضمان، بعضهم قالوا: يضمن المستولد لشريكه نصف قيمتها فيه لانقسام الكتابة عندهما.
وبعضهم قالوا: يكاتبه؛ لأن هذا فسخ ضروري فلا يظهر في حق الضمان ثم لها الخيار؛ إن شاءت مضت على الكتابة وأدت بدل الكتابة وعتقت، وإن شاءت أعجزت نفسها وكانت أم ولد للمستولد تعتق بموته؛ لأنه تصدى لها سببا عتق كتابة معجلة ببدل، واستيلاد مؤجل بغير بدل ولها في كل نوع فائدة أخرى فكان لها الخيار لها لهذا، فإن اختارت المضي في الكتابة. ففي رواية هشام في «نوادره» عن محمد رحمه الله: تكون مكاتبة بجميع البدل وذكر الحاكم في «المنتقى» : أنها تكون مكاتبة بنصف البدل.
وجه ما ذكر في «المنتقى» : أن الكتابة قد انفسخت في نصيب الشريك ضرورة تكميل الاستيلاد، وإذا انفسخت الكتابة في نصيب الشريك سقط نصف البدل ثم ثبوت الكتابة القائمة في نصيب المستولد إذا فات، فإنما يتسرى بما بقي فيه من البدل.
وجه رواية هشام: أن التملك كالاستيلاد أمر حكمي والمكاتب يقبل النقل الحكمي على ما مر، فلا ضرورة إلى القول بانفساخ الكتابة في نصيب الشريك بل يدخل نصيب الشريك في ملك المستولد مكاتباً، وإذا لم تنفسخ الكتابة في نصيب الشريك لم تسقط بشيء من البدل، والدليل على صحة ما قلنا: أنه لو انفسخت الكتابة في نصيب الشريك لانفسخت في نصيب المستولد؛ لأن الكتابة عندهما كما لا تتجزأ ثبوتاً لا تتجزأ انفساخاً فلا يعود بعد ذلك مكاتبة إلا بتجديد العقد وهي مكاتبة بالاتفاق فدل أنه لم تنفسخ الكتابة في شيء منها.
وكذلك لو لم مات بالولد ولكن أقر أحد الشريكين أنها أم ولد له فهذا والأول سواء؛ لأن الإقرار بالاستيلاد في الحكم بمنزلة إنشائه والله أعلم.
[الفصل العاشر في بيان حكم المكاتبين إن كانت مكاتبتهما واحدة أو متفرقة]
قال محمد رحمه الله في «الزيادات» : مكاتبان رجلين كل واحد منهما لرجل على حده وبينهما جارية جاءت بولد فادعياه فهو ابنهما، وقد مر هذا، فإن ماتا عن وفاء أو قتلا معاً أو أحدهما قبل الآخر فأديت مكاتبتهما معاً عتقا ويستند عتق كل واحد منهما إلى آخر جزء من أجزاء حياته وعتق الولد تبعاً للأبوين، لأن نصف الولد تابع لهذا الأب داخل في كتابته والنصف الآخر تابع للأب الآخر داخل في كتابته وكان مولى للمكاتبين؛