للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهادة، وهذا لأن بمجلس القضاء هيبة، وللقاضي حشمة، ومن لم يتعود التكلم في هذا المجلس يتعذر عليه البيان إذا لم يسعه على البيان القاضي.

قال في «الأصل» : وإذا ارتاب القاضي في أمر الشهود فرق بينهم لا يسعه غير ذلك، ويسألهم أيضاً أين كان هذا؟ ومتى كان هذا؟ ويكون هذا السؤال بطريق الاحتياط، وإن كان لا يجب هذا على الشهود في الأصل، فإذا فرقهم، فإن اختلفوا في ذلك اختلافاً يفسد الشهادة ردها، وإن كان لا يفسدها لا يردها، وإن كان يتهمهم، فالشهادة لا ترد بمجرد التهمة.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا اتهم الشهود فرق بينهم، ولا يلتفت إلى اختلافهم في لبس الثياب، وعدد من كان معهم من الرجال والنساء، ولا إلى اختلاف المواضع بعد أن يكُون الشهادة على الأقوال، وإن كانت الشهادة على الأفعال، فالاختلاف في المواضع اختلاف في الشهادة.

وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا اتهمتهم ورأيت الريبة، وظننت أنهم شهود الزور أفرق، وأسألهم عن المواضع والثياب ومن كان معهم، فإذا اختلفوا في ذلك، فهذا عندي أبطل به الشهادة.

وعن إبراهيم عن محمد رحمه الله في شاهدين شهدا لرجل بدار، فالقاضي يسألهما كيف هي العلة لا يقطع بشهادتهما شيئاً، فإن قال الشاهد: لا أخبرك، ولا أزيد على هذا هي له، أمضيت الشهادة.

وعن أبي يوسف: رجل ادعى عبداً في يد إنسان فالقاضي لا يسأل صاحب اليد من أين هذا لك؟ وقال أبو حنيفة رحمه الله: ليس للقاضي أن يقول للشهود بشيء لرجل لا يعلمونه باع أو وهب، وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمهما الله إذا شهد عند القاضي شاهدان بدار لرجل فله أن يسألهما عن البناء، والله أعلم.

الفصل الثامن عشر: في قبضِ المحاضِر من ديوان القاضي المعزول

إذا عزل القاضي وقلد غيره ينبغي للقاضي المقلد أن يبعث أمينين من أمنائه ليقبضا من القاضي المعزول ديوانه، وديوان القاضي خريطته التي فيها الصكوك والمحاضر، ونصب الأوصياء والقُوام في الأوقاف، وتقدير النفقات وما يشاكله؛ لأن القاضي يكتب لهذه الأشياء نسختين يضع إحداهما في يد الخصم والقيم، والأخرى يجلدها في ديوانه، حتى إذا احتاج إلى الرجوع إليها أمكنه العمل بها عن إيقان، فما في يد الخصم لا يؤمن عليه التغير والتبديل، والقاضي المقلد يحتاج إلى قبض ذلك؛ لأنه يحتاج إلى الرجوع إلى ذلك في الحوادث التي ترفع إليه، فيبعث أمينين من أمنائه ليقبضا ذلك، وإن أبى القاضِي المعزول الدفع، فإن كان البياض الذي كتب عليه نسخة هذه الأشياء من بيت المال يجبر

<<  <  ج: ص:  >  >>