على الدفع، لأنه إنما اتخذ ذلك للعمل به، وقد صار العمل لغيره، فلا يترك في يده، وإن كان ذلك من مال القاضي أو من مال الخصوم فقد اختلف المشايخ فيه.
والأصح أنه يجبر على الدفع؛ لأنه ما اتخذه للتمويل بل للعمل به إحياء لحق المسّلمين، وقد صار العمل إلى غيره، وإذا قبضا ديوانه يقبضان الودائع وأموال اليتامى أيضاً ويكون عند المقلد، ويأخذان أسماءَ المحبوسين أيضاً، فالقاضي إذا حبس رجلاً بحق ينبغي أن يكتب اسمه واسم أبيه وجده، والسبب الذي لأجله حبسه، وتاريخ الحبس، لأنه يحتاج إليه لسماع البينة على الإفلاس، فيأخذان ذلك أيضاً، ويجعل القاضي المقلد ذلك في ديوانه، وينبغي أن يذكر في تذكرته تاريخ الحبس من الوقت الذي أثبته المعزول لا من وقت عمله، لأنه بناء على ذلك الحبس، ويسألان القاضي المعزول عن المحبوسين، وأسباب الحبس لا، لأن قول القاضي المعزول حجة، وكيف يكون حجة وإنه بالعزل التحق بواحد من الرعايا؟ ولكن ليكشف ويسأل المحبوسين عن أسباب الحبس، ويجمع بينهم وبين خصومهم، وإن كان في المحبوسين جماعة لم يحضر لهم خصماً، وقالوا: حبسنا بغير حق، فالقاضي المقلد لا يطلقهم تحسيناً للظن بالقاضي المعزول فيما باشر من حبسهم، ويأمر منادياً بالنداء أنا وجدنا فلاناً وفلاناً محبوسين، فمن كان له عليهم حق فليأتنا، فإن حضر رجل فصل الخصومة بينهما على وجهه، وإلا أطلقهم بكفيل.
وتقدير مدة النداء والمدة التي يسع فيها الإطلاق موكول إلى رأي القاضي قبل ما ذكر هاهنا من أخذ الكفيل قولهما، أما على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يأخذ بناءً على مسألتين:
إحداهما: إذا قسم القاضي التركة بين الورثة لا يحتاط بأخذ الكفيل عند أبي حنيفة، خلافاً لهما.
الثانية: إذا قضى القاضي دين الغرماء من التركة لا يحتاط بأخذ الكفيل عند أبي حنيفة خلافاً لهما.
قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: يأخذ الكفيل هاهنا على قول الكل، والفرق لأبي حنيفة رحمه الله أن في مسألة القسمة، وقضاء الدين حق هذا الذي حضر ظاهر، وحق الآخر موهوم، ولا يجوز تأخير هذا الحق الظاهر، إلى وقت أخذ الكفيل لحق موهوم، أما في هذه المسألة الحق ظاهر؛ لأنَا نحمل فعل القاضي المعزول على السّداد، فلا يكون في أخذ الكفيل تأخير حق ظاهر لحق موهوم.
ثم اعلم بأن الحبس أنواع أحدها: الحبس بالدين وإنه يشتمل على فصول.
الأول: إذا قال المحبوس: حبست بدين فلان أقررت به عند القاضي المعزول، فالقاضي المقلد يجمع بين المحبوس وبين خصمه، فإن صدقه خصمه في ذلك أعاده إلى الحبس إذا طلب خصمه ذلك، وأما إذا أنكر المحبوس بالدين، وقال: إن هذا يدعي علي شيئاً بغير حق وقد حبسني ظلماً وخصمه يقول: لي عليه كذا، وقد حبسته بحق، فالقاضي