للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتم حوله، وحلف على ذلك لم يأخذ منه العاشر شيئاً، فإن طلب فيه العاشر أن يعجل زكاته خمسة ففعل، فهذه المسألة تشتمل على فصول ثلاثة:

[الفصل الأول: أن يتم الحول وعند صاحب المال ما بقي من المال مائة وخمسة وتسعون، وهذا الفصل على سبعة أوجه:]

الوجه الأول: أن يتم الحول والخمسة المقبوضة قائمة في يد العاشر (١٣٦ب١) وفي هذا الوجه لا يصير المعجل زكاة قياساً، ويصير زكاة استحساناً، لم يذكر القياس والاستحسان ههنا، إنما ذكره في فصل الإبل، عامة المشايخ على أن ذكر القياس والاستحسان في فصل الإبل ذكر في فصل الدراهم.

وجه القياس: أن المعجل إنما يصير زكاة إذا ثبت الوجوب في آخر الحول؛ لأن أداء الزكاة ولا زكاة مستحيل، ولا زكاة إلا بعد الوجوب ولا وجوب في آخر الحول ههنا لانعدام شرطه، وهو كمال النُّصُب، فإن المؤدى خرج عن ملكه بالأداء، ولهذا لو أراد أن يسترد من العاشر لم يكن له ذلك.

وجه الاستحسان: أن يد الساعي في المقبوض قبل الوجوب، وهو المعجل قائمة مقام يد الملك، وفي المقبوض بعد الوجوب قائمة مقام يد الفقراء، وهذا لأن المقبوض قبل الوجوب حق المالك، والساعي يقبض مال المالك بأمره ويعمل له، فيكون نائباً عنه واعتبرت يده يد المالك، والمقبوض بعد الوجوب حق الفقراء.

ولهذا يجبر المالك على الأداء، والإنسان لا يجبر على أدء المالك لحق نفسه، وإنما يجبر لحق غيره، ولا حق في الصدقة إلا للفقراء، فتعتبر يد الساعي في قبض حقهم قائماً مقام يدهم، ومتى أشكل الأمر فيها عند الإخراج الدفع أنها واجبة وليست بواجبة كان حكمها موقوفاً، فإن ظهر أنها واجبة تبين أن يد الساعي كانت يد الفقراء من يوم الأخذ، وإن ظهر أنها نفل تبين أن يد الساعي يد صاحب المال من وقت الأخذ، إذا ثبت أن يد الساعي في المعجل قائمة مقام يد المالك صارت الخمسة المعجلة في يد المالك حكماً، فيكمل به النصاب ويثبت الوجوب، فيصير المعجل زكاة.

الوجه الثاني: أن يستهلكها العاشر، ويأكلها قرضاً، وهو الوجه الثالث؛ إذا أخذها عمالة له نفسه، وهو الوجه الرابع، وهذه الوجوه على القياس والاستحسان أيضاً.

وجه القياس: أن المعجل في هذه الصور لا يمكن أن يجعل باقياً على المالك، فكان النصاب ناقصاً في آخر الحول.

وجه الاستحسان: أن المستهلك والمأكول قرض مضمون في ذمة الساعي بمثله، فيمكن تكميل النصاب به يكون الضمان قائماً مقام المضمون، والمأخوذ عمالة لا تزول عن ملك رب المال بمجرد الأخذ، إذ لو زال لا تجب الزكاة، فلا يكون له عمالة؛ لأن العمالة في الصدقة الواجبة فيصير المأخوذ عمالة حينئذٍ ديناً على الساعي، ويكمل به النصاب، ففي إبطال الزكاة ابتداء إيجابها انتهاء، غير أن في فصل الاستهلاك والقرض نوع إشكال، فإن المعجل صار ديناً في ذمة الساعي، وأداء العين عن الغير لا يجوز، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>