على هذا التفصيل في كراهية «فتاوى أهل سمرقند» ، وفي «الأمالي» : عن محمد رحمه الله؛ رجل سيل ماء في أرضه فلاحة، فمن أخذ من ذلك الماء شيئاً، فلا ضمان عليه فيه، وإذا صار ذلك الماء ملحاً، فلا سبيل لأحد عليه؛ لأنه ما دام ماء، فحكم الشركة فيه ثابت، وبعدما صار ملحاً أيضاً من جنس أرضه واتصل بأرضه أيضاً؛ لا يقدر معه التمييز، فصار محرزاً له.
قال: وفي نهر شق في أرض رجل، فتقدم الطين في أرضه، فصار قدر ذراع، وذراعين، فلا سبيل لأحد على ذلك الطين لما بينا في المسألة الأولى ومن أخذ منه شيئاً ضمنه.
[الفصل الثالث في شرائط الاصطياد]
يجب أن يعلم أن الاصطياد بثلاثة أشياء؛ الصائد، والآلة، والصيد، وفي كل واحد من هذه الأشياء شرائط.
في الصائد فنقول.
ينبغي أن يكون الصائد من أهل الذكاة، وذلك بأن يعقل الذبح، والتسمية؛ حتى لا يؤكل صيد الصبي، والمجنون إذا كانا لا يعقلان الذبح، والتسمية، ويؤكل صيدهما إذا كانا يعقلان ذلك، يريد به إذا أرسل كلبه أو بازه، أو رمى، فأصاب الصيد وقتله، وأن يكون له ملة التوحيد دعوى واعتقاداً، كالمسلم، أو دعوى الاعتقاد كالكتابي حتى أن المجوسي إذا أرسل، أو رمى إلى صيد فأصابه وقتله لا يحل أكله؛ وهذا لأن الإرسال والرمي ذبح من المرسل والرامي حكماً، فيعتبر بالذبح حقيقة، والإباحة لا تثبت بذبح المجوسي حقيقة؛ لأنه ليس له ملة التوحيد؛ لأنه مشرك يدعي الاثنين فهكذا لا يثبت بذبحه حكماً، وكذلك لا يؤكل صيد المرتد؛ لأنه لا ملة له.
ويشترط مع ذلك أن لا يكون محرماً، وأن لا يكون في الحرم، والتسمية شرط عند الإرسال والرمي لما ذكرنا أن الإرسال ذبح من المرسل والرامي حكماً، والتسمية عند الذبح حقيقة شرط؛ هكذا عند الذبح حكماً، ولا بأس بصيد الأخرس المسلم والكتابي؛ لأن له ملة التوحيد، وملة التوحيد تقام مقام التسمية.
ألا ترى أنها أقيمت مقام التسمية في حق الأخرس أولى، ولو أرسل النصراني، أو رمى وسمى باسم المسيح لم يؤكل.
وكذلك الإرسال شرط عندنا في الكلب والبازي، حتى أن الكلب المعلم إذا انفلت من صاحبه، فأخذ صيداً وقتله لا يؤكل، فإن صاح صاحب الكلب به صيحة بعدما انفلت، وسمى، فإن لم ينزجر بصاحبه، وإن لم يردد طلباً وحرصاً للأخذ فأخذ الصيد وقتله لا يؤكل؛ لأنه لما لم ينزجر بصاحبه صار وجود الصياح منه والعدم بمنزلة، وأما إذا انزجر بصاحبه، وأخذ الصيد وقتله فالقياس: أن لا يؤكل، وفي الاستحسان: أن يؤكل.