بالرق لا نصاً ولا دلالة من انعقاد البيع، وما أشبه ذلك على ما عرف في كتاب الإقرار ليس له أن يأتي؛ لأن حرية الأصل ثبتت بمجرد قولها في حق الناس كافةً، إذا لم يسبق منها إقرار بالرق، ولو سبق منها إقرار بالرق كان للبائع الأول أن يأتي بالرجوع عليه؛ لأن حرية الأصل لا تثبت بمجرد قولها في موضع سبق منها الإقرار بالرق.
وفيما إذا ادعت عتقاً عارضياً كان للبائع الأول أن يأتي بالرجوع عليه على كل حال، لأن العتق العارضي لا يثبت بمجرد قولها، وفي كل موضع قضى القاضي بحرية الأصل لا يشترط حضرة العبد والأمة لرجوع المشتري على البائع بالثمن والله أعلم.
[الفصل الثامن والعشرون: في دعوى النسب]
هذا الفصل يشتمل على أنواع:
النوع الأول: في بيان مراتب النسب
قال أصحابنا رحمهم الله: لثبوت النسب مراتب ثلاثة:
أحدها: بالنكاح الصحيح، وما هو في معناه من النكاح الفاسد، والحكم فيه: أن يثبت النسب من غير دعوى، وله أن ينفيه مالم يقر بنسبه صريحاً أو يظهر منه ما يكون اعترافاً به في قبول تهنئة، أو شراء متاع الولادة، أو تطاول المدة، مع العلم بالولادة أو يقع الاستغناء، أو يقع فيه حكم لا يقبل النقض والإبطال، متى وجد واحد من هذه الأسباب لا بملك النفي بعد ذلك.
أما إذا أقر بنسب الولد صريحاً؛ لأن الإقرار بنسب الولد إقرار له بحقوق مالية نحو النفقة والميراث، وأشباه ذلك اقتضاء، ولو أقر له بهذه الحقوق صريحاً، لا يعمل رجوعه بعد ذلك، فكذا إذا أقر له بذلك اقتضاء.
وأما إذا قبل التهنئة: فدل قبول التهنئة على أن الولد منه.
وأما إذا اشترى متاعاً للولادة: فلأنه أقر بالولد دلالة عادة، فإن العادة أن الإنسان لا يشتري متاعاً للولادة إذا (٢٢٣ب٤) لم يكن الولد منه.
فأما إذا وقع الاستغناء عن نفيه: فلأن بعدما وقع الاستغناء عن نفيه؛ لا يكون في النفي فائدة، والشرع لا يرد بما لا يفيد.
وأما إذا تطاولت المدة: فلأن ترك النفي مدة طويلة مع العلم بالولادة دلالة الإقرار بالولد ظاهراً، لأن الظاهر أن الإنسان لا يترك النفي مدة طويلة، مع العلم بالولادة، إذا لم يكن الولد منه.
والمرجع في معرفة تطاول تلك المدة العرف والعادة، إذا مضى من المدة ما ينفى