للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الثلث فإقراره جائز، وإن كان الذمي أقر بأن هذا المسلم وقف هذه الأرض في الوجوه التي لا يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى نحو الوقف على البيع والكنائس لم يصح إقراره وتخرج الأرض من يد الذمي وتجعل لبيت مال المسلمين، وإن كانت هذه الأرض لا يخرج من ثلث ماله فمقدار الثلث يجوز إقراره فيه فيما يتقرب به المسلمون إلى الله تعالى لا يجوز ويكون لبيت المال.

وإن أقر هذا الذمي أن ذمياً كان يملكها جاز إقراره فيما يجوز أوقاف أهل الذمة، وبطل إقراره فيما لا يجوز أوقافهم وتخرج الأرض من يده ويجعل لبيت مال المسلمين؛ لأنه لم يسم مالكها.

[الفصل السادس والعشرون: في المتفرقات]

إذا اشترى أرضاً شراءً فاسداً ووقفها المشتري على الفقراء والمساكين بعدما قبضها فهو جائز على ما وقفها عليه، وإن جاء البائع وخاصم المشتري فقيمتها يوم قبضها ولا يرد الوقف، ولو وقفها قبل أن يقبضها لا يجوز، قال: ألا ترى أنه لو باعها بعد القبض يجوز، أشار إلى أن البيع الفاسد لا يفيد الملك قبل القبض ويفيده بعد القبض، فقبل القبض؛ الوقف لم يصادف ملكه وبعد القبض صادف ملكه، ثم إذا وقفها بعد القبض وخاصم البائع المشتري في ذلك ذكر أن المشتري يضمن قيمتها للبائع يوم القبض؛ لأنه أتلفها بالوقف، ألا ترى أن المشتري لو باعها أو وهبها ضمن قيمتها للبائع فكذا إذا وقفها.

ولا ينقض الوقف كما لا ينقص البيع إذا باعها المشتري من رجل؛ لأنه بتسليط البائع، ولو اشترى أرضاً شراءً فاسداً فقبضها واتخذها مسجداً وصلى الناس فيه؛ ذكر هلال في وقفه أنه مسجد وعلى المشتري قيمتها ولا يرد إلى البائع، قال هلال: هذا قول أصحابنا في المسجد والوقف على قياسه، وذكر في «كتاب الشفعة:» إذا اشترى أرضاً شراءً فاسداً واتخذها مسجداً وبنى فيها بناء أنه يضمن قيمتها عند أبي حنيفة ويصير مستهلكاً بالبناء، وعندهما: ينقض البناء وترد الأرض على البائع، فاشتراط البناء على رواية كتاب الشفعة دليل على أنه إذا لم يبنَ لا يصير مسجداً بمجرد اتخاذه مسجداً بلا خلاف بدون البناء.

قال الحاكم الشهيد: رواية محمد في «كتاب الشفعة» أصح من رواية هلال، ووجه ذلك: أن المسجد ما يكون لله تعالى خالصاً وينقطع عنه حق العباد، وههنا حق العبد وهو البائع باق قبل البناء فلا يصير مسجداً، قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: ولقائل أن يقول في الوقف روايتان أيضاً أنه هل يصير وقفاً قبل البناء كما في المسجد؟ ولقائل أن يقول: يصير وقفاً قبل البناء على الروايتين ويفرق هذا القائل بين المسجد وبين الوقف

<<  <  ج: ص:  >  >>