ما يضمن المودع إلا إذا نص على استحفاظ صاحب الحمام بأن قال لصاحب الحمام: أين أضع الثياب فحينئذٍ يجب الضمان على صاحب الحمام، وإن كان له ثيابي، وهو حاضر، هذه الجملة في الباب الأول في وديعة «الواقعات» .
وفي غصب «فتاوى أبي الليث» : رجل دخل الحمام، ووضع ثيابه مرأى عين صاحب الحمام ثم خرج، فوجد صاحب الحمام نائماً، وقد سرق ثيابه، فإن نام قاعداً، فلا ضمان، وإن وضع جثته على الأرض، فهو ضامن؛ لأن هذا مودع ترك الحفظ في الوجه الثاني، وفي الوجه الأول لم يترك.
وفيه أيضاً: رجل من أهل المجلس قام وترك كتابه فيه، فذهبوا جملة، وتركوا الكتاب، فضاع الكتاب فالكل ضامنون، (١٢٦أ٢) وإن قام واحد بعد واحد، فالضمان على آخرهم؛ لأن في الوجه الأول الكل حافظون، وفي الوجه الثاني تعين الأخير حافظاً؛ كمن باع قفيز حنطة من قفيزين ثم هلك قفيز يتعين القفيز الباقي.
[الفصل الثاني في حفظ الوديعة بيد الغير]
إذا دفع الوديعة إلى بعض من في عياله نحو المرأة والابن الكبير الذي هو في عياله، والأب إذا كان في عياله، والأجير، فهلكت لم يضمن استحساناً؛ لأن الدفع إلى هؤلاء حصل بإذن صاحب الوديعة دلالة.
بيانه: أنه لا بد للمودع من الخروج عن منزله لإقامة مصالحه، ولا يمكنه إخراج الوديعة مع نفسه، فتركها في منزله، فإذا تركها في منزله فقد صارت في يد من هو في عياله، فكان صاحب الوديعة راضياً بيد من في عياله من هذا الوجه، فهو معنى قولنا الدفع إلى هؤلاء حصل بإذن صاحب الوديعة.
والمراد من الأجير المذكور في «الكتاب» الأجير الخاص الذي استأجره مشاهرة، أو مشافهة، ويسكن معه.
أما الأجير لعمل من الأعمال والذي يجري عليه نفقته كل شهر، ولا يسكن معه، ويقال بالفارسية: «إجراء أخوار» ، فهو وسائر الأجانب سواء فيضمن بالدفع إليه.
فأما الابن الكبير إذا لم يكن في عياله، والأب أو الأم إذا لم تكن في عياله، فدفع إليه ضمن، والابن الصغير إذا لم يكن في عياله فدفع إليه لا يضمن؛ لأن تدبيره إلى الأب، وإن لم يكن في عياله، ولكن يشترط أن يكون الصغير قادراً على الحفظ.
وفي حق الزوجة لا يشترط المساكنة والنفقة، حتى أن المرأة إذا كانت تسكن في محلة، والزوج يسكن في محلة أخرى، ولا ينفق عليها، فدفع الوديعة إليها، فلا ضمان، والزوجة في حق هذا الحكم بمنزلة الابن الصغير للمعنى الذي ذكرنا، ولو دفعت المرأة الوديعة إلى زوجها فلا ضمان، وإن لم يكن الزوج في عيالها؛ لأنه يسكن معها.