للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني والثلاثون: يقرب إلى المسائل التي هي في معنى قفيز الطحان]

إذا دفع إلى آخر بقرة بالعلف؛ ليكون الحادث بينهما نصفان، فالحادث كله لصاحب البقرة وعليه أجر مثل عمل المدفوع إليه، وثمن العلف وهذا لأن المدفوع إليه غير متبرع فيما صنع؛ لأنه إنما فعل ذلك رجاء أن يسلم له نصف الحادث، ولا يسلم له نصف الحادث منها لفساد العقد ليكون البدل مجهولاً. قال: فلو مضى على ذلك زمان واتخذ المدفوع إليه بعض اللبن مصلاً، والعين قائم في يده، فما كان قائماً من اللبن فهو للمالك، وما اتخذه المدفوع إليه مصلاً فهو للمدفوع إليه وانقطع حق المالك عنه لتبدل الاسم والمعنى، وعلى المدفوع إليه لصاحب البقرة مثل ذلك اللبن لأن اللبن مثلي، وما ذكر من انقطاع حق المالك عن المصل مشكل؛ لأن الاسم والمعنى وإن تبدلا، ولكن يصنع ما دون فيه من جهة المالك، وعلى هذا: إذا دفع الدجاجة إلى رجل لتكون البيضات بينهما، فلو أن المدفوع إليه دفع البقرة أو الدجاجة إلى رجل آخر بالنصف، فهلك في يده، فالمدفوع إليه الأول ضامن؛ لأن العين أمانة في يده وليس للآجر أن يدفع الأمانة إلى غيره من غير ضرورة، فلو أن المدفوع إليه بعث البقرة إلى السرح، فلا ضمان لمكان العرف.

وفي بيوع الفتاوى: امرأة أعطت بذر العلق إلى امرأة بالنصف، فقامت عليه حتى أدرك فالعلق لصاحب البذر؛ لأنه حدث من بذره ولها على صاحب البذر قيمة الأوراق، وأجر مثلها. وفي إجارات الفتاوى: إذا دفعت بذر العلق إلى أختها وأخيها على أن العلق بينهم، فلما خرج الدود قالا: إن أكثرها قد هلك، فقال لهما: ادفعا إلي ثمن البذر وأنا منه بريء وهما كاذبان فقد خرج العلق كله، فالعلق كله لها، ولهما عليها قيمة ورق الفرصاد، إن كان له قيمة وأجر مثل عملهما في ذلك.

وفي مضاربة «فتاوى أبي الليث» رحمه الله إذا دفعت إلى امرأة دوداً لتقوم عليه بنفقتها على أن العلق بينهما نصفان، فهو بمنزلة المضاربة فكل العلق لصاحب الدود وعليها أجر مثل العاملة، وثمن الأوراق، ولو صب من آجر دود القزّ أو بيض الدجاجة، فأمسكها حتى خرج العلق أو الفرخ لمن يكون الفرخ والعلق؟ حكي عن شمس الأئمة الحلواني رحمه الله أنه قال: إن خرج بنفسه فهو لصاحبه.

والحيلة في جنس هذه المسائل: أن يبيع صاحب البيضة نصف البيضة، وصاحب الدجاجة والبقرة من المدفوع إليه، ويبرئه عن ثمن ما اشترى، فيكون بينهما.

رجل له غريم في مصر آخر، قال لرجل: اذهب وطالبه بالذي لي عليه، وهو كذا فإن قبضته فلك عشرة من ذلك، ففعل فله أجر المثل؛ لأن هذا في معنى قفيز الطحان، فلم يصح هذا العقد، وقد استوفى منافعه بحكم هذا العقد، فيجب أجر المثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>