[الفصل الحادي عشر: فيما يحدث الشفيع مما يبطل شفعته]
إذا ساوم الشفيع الدار من المشتري، أو سأل منه أن يوليه، إياه أو استأجرها الشفيع من المشتري، أو كان أرضاً أو كرماً وأخذها مزارعة أو معاملة وذلك بعد العلم بالشراء فهو تسليم الشفعة؛ لأن هذه المعاني دليل الإعراض.
وكذلك لو قال المشتري للشفيع أو ليهكها بكذا، فقال الشفيع: نعم؛ لأن قول الإنسان نعم في موضع الخطاب يتضمن إعادة ما في الخطاب، وكأن الشفيع قال: ولي.
وفي «المنتقى» : مساومة الشفيع بداره لا يبطل معناه، إذا ساومها بالبيع، إذا قال الشفيع: سلمت نصف الشفعة بطلت شفعته في الكل؛ لأن الشفعة لا تتجزء في حق التسليم؛ لأنه لا يملك أن يأخذ البعض دون البعض، وذكر البعض ما لا يتجزء كذكر الكل، هكذا ذكر في «الأصل» ، وذكر في القدوري: أن الشفيع إذا طلب نصف الدار بالشفعة فهذا تسليم منه في الكل في قول محمد، إلا أن يكون طلب الكل فلم يسلم المشتري فقال: اعطني نصفها على أن أسلم لك النصف، أو قال: اعطني نصفها وأسلم لك نصفها فهذا لا يكون (١٧٢ب٣) تسليماً، وقال أبو يوسف: لا يكون تسليماً على كل حال.
وتبين ما ذكر القدوري إن ما ذكر في «الأصل» قول محمد، وذكر الصدر الشهيد في الباب الأول من «واقعاته» : دار بيعت ولها شفيعان أحدهما غائب وطلب الحاضر نصف الدار، على حسبان أنه لا يستحق إلا النصف بطلت شفعته، وكذلك لوكانا حاضرين وطلب كل واحد منهما نصف الدار بطلت شفعة كل واحد منهما، ولم يحكم خلافاً، وإن قول محمد على ما ذكره القدوري ذكر رحمه الله في الباب الثاني: أن الشفيع إذا قال: سلم لي نصفها بالشفعة لا يبطل شفعته، وأنه قول أبي يوسف على ما ذكره «القدوري» .
وإذا باع الشفيع داره التي يشفع بها بعد شراء المشتري وهو يعلم بالشراء أو لا يعلم بطلت شفعته؛ لأن الاستحقاق بالجوار وقد زال الجوار قبل الأخذ فبطل الحق ضرورة، فإن رجعت إلى ملكه: بيعت بقضاء أو بخيار رؤية أو يختار شرط فليس له أن يأخذ بالشفعة؛ لأن الحق متى بطل لا يعود إلا بسبب جديد، وإن كان بيع الشفيع داره بشرط الخيار للشفيع، فهو على شفعته ما لم يوجب البيع؛ لأن الجوار لم يزل، وإن كان بيعه نصفه الفساد وقبضها المشتري بطلت شفعته؛ لأن ملكه قد زال، وإن كان الشفيع شريكاً وجاراً فباع نصيبه الذي يشفع به كان له أن يطلب الشفعة بالجوار، هذا إذا باع الشفيع كل داره، وإن باع بعض داره سيأتي ذلك في فصل المتفرقات إن شاء الله تعالى.w
إذا سلم الشفيع على المشتري ثم طلب الشفعة صح طلبه، قال هشام: قلت لمحمد رحمه الله: من يقول إذا بدأ الشفيع بالسلام على المشتري يبطل شفعته؟ فأنكر ذلك، ولو كان المشتري واقفاً مع الابن فسلم الشفيع على ابن المشتري بطلت شفعته، بخلاف ما إذا