للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكذباً شرعاً. ولو قال: هي ابنتي وليس لها نسب معروف ومثلها يولد لمثله، وثبت على ذلك يفرق بينهما، فبعد ذلك إن صدقته المرأة أنها ابنته ثبت النسب وما لا فلا، وإن كان مثلها لا يولد لمثله لا يثبت النسب منه ولا يفرق بينهما؛ لأنه ثبت كذب إقراره حقيقةً، والله أعلم.

[الفصل الرابع عشر في بيان ما يجوز من الأنكحة وما لا يجوز]

قال أصحابنا رحمهم الله: لا يجوز للرجل أن يتزوج بأم امرأته دخل بها أو لم يدخل بها، وهذا لقوله تعالى: {وَأُمَّهَتُ نِسَآئِكُمْ} (النساء: ٢٣) حرم أمهات النساء مطلقاً، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنه أم المرأة.... في القرآن أي: مطلقة.

ولا يجوز أن يتزوج بابنة امرأته إن كان قد دخل بها، وإن لم يدخل بها فلا بأس لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّتِى فِى حُجُورِكُمْ مّن نِّسَآئِكُمُ اللَّتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (النساء: ٢٣) .

وإذا جمع بين امرأتين في النكاح فالأصل في جنس هذه المسائل: أن كل امرأتين لو صورنا إحداهما من هذا الجانب أو من ذلك الجانب ذكراً لم يجز النكاح بينهما، برضاع أو نسب لم يجز الجمع بينهما، ولو جاز لواحد منهما أن يتزوج بالأخرى، والجمع جائز كالجمع بين المرأة وابنة زوج كان لها من قبل، وإن كانت ابنة الزوج لو كان ذكراً لا يجوز النكاح بينهما، إلا أن امرأة الأب لو كانت ذكراً يجوز النكاح بينهما، وهذا لأن الأصل في هذا الباب ذواتي رَحِمٍ محّرم، وهناك الحرمة بائنة من الجانبين، لو صورنا إحداهما رجل أي جانب كان، وكل امرأتين هما في معناهما، ثبت هذا الحكم في حقهما وما لا فلا.

وكما لا يجوز للزوج أن يتزوج بأخت امرأته في عدة امرأته فكذا لا يجوز له أن يتزوج أحداً من ذوات محارمها في عدتهما؛ لأنهما في معنى الأجنبي في حرمة الجمع بينهما، فلا يجوز له أن يتزوج أمّه على الحرمة؛ الحرّ والعبد في ذلك سواء عندنا، بعموم قوله عليه السلام «لا تنكح الأمة على الحرة» .

ولو جمعهما في عقد صحّ نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة؛ لأن الأمة ليست بمحلٍ حالة الضم إلى الحرة، وهذا لما عرف أن الرق في جانب النساء منقصٌ للحل كما في جانب الرجال، غير أن في جانب النساء لا يمكن إظهار النقصان في حق العدد، فأظهر بالنقصان في حق الأحوال، فجعلناها من المحللات قبل الحرة، ومن المحرمات بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>