[(الفصل الأول) في بيان ركن اليمين، وحكمها، وشرط انعقادها، ومحلها]
وركن اليمن بالله ذكر اسم الله تعالى مقروناً بالجزاء؛ لأن ركن الشيء ما يعقد به ذلك الشيء، واليمين يعقد بالقسم به والمقسم به اسم الله تعالى في ظاهر مذهب أصحابنا رضي الله عنهم بلا خلاف (و) في صفاته على الاختلاف (على) ما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى. وحكم اليمين وضعاً وجوب البر والخير لما فيه من تعظيم اسم الله تعالى وحرمة الحنث لما فيه من هتك حرمة اسم الله تعالى، ثم الكفارة تجب عند الحنث خلفاً عن البر الواجب باليمين استدراكاً له.
وشرط انقعادها تصور البر عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما، والإضافة إلى المستقبل بدون تصور البر لا يكفي لانعقادها، وعند أبي يوسف رحمه الله الإضافة إلى فعل في المستقبل بدون التصور كاف لانعقادها على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ومحل اليمين خبر يحتمل الصدق لأن محل التصرف ما يقبل حكم التصرف. وحكم اليمين وجوب البر والوجوب يستدعي خبراً يتصور فيه البر حتى يحتمل الصدق.
[(الفصل الثاني) في ألفاظ اليمين وإنه أنواع]
الأول في الحلف بأسماء الله تعالى
يجب أن تعلم بأن الحلف باسم من أسماء الله تعالى يمين، جميع أسامي الله في ذلك على السواء تعارف الناس الحلف به أو لم يتعارفوا، هو الظاهر من مذهب أصحابنا رحمهم الله، ومن أصحابنا من يقول كل اسم لا يسمى به غير الله كقوله: الله، الرحمن فهو يمين وما يسمى به غير الله كالحكيم والعالم فإن أراد به اليمين كان يميناً وإن لم يرد به اليمين لا يكون يميناً وكان.... يقول: إذا قال والرحمن إن أراد به اسم الله فهو يمين، وإن أراد به سورة الرحمن لا يكون يميناً، وهكذا ذكره الفقيه أبو الليث رحمه الله في «فتاويه» لأنه إذا أراد به سورة الرحمن فقد حلف بالقرآن، ولو قال: والقرآن لا يكون يميناً.