[الفصل الثالث عشر: في المسائل التي تتعلق برد المستأجر على المالك]
قال رحمه الله: وليس على المستأجر رد ما استأجر على المالك، وعلى الذي آجر أن (٢٦ب٤) يقبض منزل المستأجر وليس هذا كالعارية، فإن رد العارية على المستعير.
والفرق: أن الرد بعد القبض فكل من كان منفعة القبض عائدة إليه كان الرد عليه. قال عليه السلام:«الخراج بالضمان» ، وقال عليه السلام:«الغنم بالمغرم» ومنفعة قبض المستعار عائدة إلى المستعير؛ لأن المنفعة سلمت له مجاناً فكان مؤنة الرد عليه، ولهذا كان نفقة المستعار على المستعير، ومنفعة قبض المستأجر عائدة إلى المؤاجر، فإن حقه يتأكد في الأجرة فكان مؤنة الرد عليه.
فإن قيل: منفعة قبض المستأجر عائدة إلى المستأجر أيضاً، فإن بالقبض يتمكن من الانتفاع.
قلنا: الترجيح لجانب الآجر لأن منفعته فوق منفعة قبض المستأجر لأن الحاصل للأجر عين وإنها تبقى والحاصل للمستأجر مجرد منفعته وإنها لا تبقى وما بقي خير مما لا يبقى فكان الرجحان لجانب الآجر فكان هو أولى بإيجاد الرد عليه، الثاني أن يساوي الجانبان فلا جرم يقع التعارض بينما يوجب الرد على الآجر، وبينما يوجب الرد على المستأجر، فنقول: إيجابه على الآجر أولى؛ لأن المستأجر يملكه ومؤنة الملك على المالك يقتضيه الأصل.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا استأجر الرجل رحاً يطحن عليه شهراً بأجر مسمى، فحمله إلى منزله فمؤنة الرد على رب الرحى، وأراد بالرحى رحى اليد ويقال بالفارسية: دست آس، ثم قال: والمصر وفي غير المصر في ذلك سواء في القياس في الإجارة، والعارية في الإجارة تجب على رب المال، وفي العارية تجب على المستعير.
قال مشايخنا: وتأويل هذا إذا كان الإخراج بإذن رب المال في الإجارة والعارية، ففي الإجارة تجب مؤنة الرد على رب المال، وفي العارية تجب مؤنة الرد على المستعير، فإن حصل الإخراج بغير إذن رب المال فمؤنة الرد على الذي أخرجه مستعيراً كان أو مستأجراً؛ لأنه صار غاصباً بالإخراج ومؤنة الرد على الغاصب.
قال ابن سماعة في «نوادره عن محمد» : رجل استأجر من آخر دابة أياماً معلومة يركبها في المصر فانقضت الأيام، فأمسكها في منزله ولم يجيء صاحبها يأخذها ففقدت