البتة؛ لأنه يحلف على فعل نفسه وهو التسليم، وإنما يحلف المؤاجر على العلم لا يحلف على فعل نفسه.
وإن اتفقا على حدوث المانع واختلفا في مدة بقاء المانع، فالقول قول المستأجر؛ لأن القبض الأول قد انقطع بحدوث العارض فكان هذا خلافاً في ابتداء القبض، فيكون القول فيه قول المستأجر.
قال في «المنتقى» عن أبي يوسف: المستأجر إذا جاء بالعبد المستأجر مريضاً، أو قال: قد أبق، وأقام رب العبد البينة أنه عمل كذا وكذا، وأقام المستأجر بينة أنه كان أبق يومئذ، أو كان مريضاً، فالبينة بينة رب العبد؛ لأنها هي المبينة.
وفي «الأصل» : رجل يكاري من رجل منزلاً فقال: دونك المنزل فانزله معناه بالفارسية أينك خان وجا فردد أيدن فردد أي ونيشين، إلا أنه لم يفتح الباب فجاء رأس الشهر وطلب صاحب المنزل الأجر، وقال المستأجر: لم يفتحه لي وأنزله، فإن كان يقدر على فتحه فالكراء واجب، وإن كان لا يقدر على فتحه لا يجب الكراء وذلك؛ لأنه متى كان قادراً على فتحه، وقد خلى الآجر بينه وبين الدار فقد أتى بالتسليم المستحق عليه؛ لأن التسليم المستحق بحكم العقد تسليم يتمكن المستأجر من تسلمه وقد تمكن المستأجر من تسلمه بهذه التخلية التي وجدت من الآجر، وكان إثباتاً لتسليم المستحق عليه فيتأكد عليه البدل، كالمنكوحة إذا خلى بها زوجها وهو ممن يقدر على الجماع، فإنه يجب المهر، وإن لم يوجد الجماع، وكالبائع إذا خلى بين المبيع وبين المشتري يصير قابضاً له، وإن لم يقبضه حقيقة؛ لأنه تمكن من قبضه بهذه التخلية كذا هاهنا.
وإن كان لا يقدر على فتحة فلا أجر عليه لأنه لم يأت بالتسليم المستحق عليه بالعقد؛ لأن المستأجر لم يتمكن من التسليم بهذه التخلية إذا كان لا يقدر على فتحه، وبدون التسليم لا يستحق الأجر، وكان كالمنكوحة إذا خلى بها زوجها وهي بحال لا يتمكن الزوج من جماعها، بأن كانت رتقاء، أو حائضاً، أو نفساء، فإن المهر لا يتكرر بهذه التخلية؛ لأن التسليم لم يوجد كذا هاهنا ومعنى القدرة المذكورة في الكتاب القدرة على الفتح من غير مؤنة تلزمه، حتى لو لم يقدر على الفتح لا بمؤنة يلزمه لا تعتبر القدرة.
قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وكسر الغلق ليس بشيء حتى لا يكون للآجر أن يحتج على المستأجر، فيقول: هلا كسرت الغلق ودخلت الباب.
وإذا استأجر داراً سنة فلم يسلمها إليه حتى مضى شهر، وقد طلب التسليم ثم تحاكما فليس للآجر أن يمنع المستأجر من القبض، وليس للمستأجر أن يمنع من القبض في باقي المدة؛ لأن الإجارة عندنا في حكم العقود المتفرقة يتجدد انعقادها بحسب حدوث المنافع ففوات المعقود عليه في عقد لا يؤثر في إثبات الخيار في عقد أجر، قالوا: هذا إذا لم يكن في مدة الإجارة وقت يرغب الإجارة لأجله يتخير في قبض الباقي، ولو سلم الدار إلا بيتاً كان مشغولاً بمتاع الآجر يرفع عنه الأخر بحساب ذلك بخلاف ما إذا انهدم بيت منها، أو حائط منها، وسكن المستأجر في الباقي حيث لا يسقط شيء من الأجر.