للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث عشر: في شهادة الوارث بالوصية والرجوع عنها وفي شهادةالوصي للميت وفي شهادة الوكيل للموكل]

قال محمد رحمه الله في «الزيادات» : إذا هلك الرجل، وترك ثلاثة أعبد قيمتهم على السواء لا مال له غيرهم، فشهد شاهدان أن الميت أوصى بهذا العبد لهذا الرجل، وشهد وارثان أن الميت أوصى بهذا العبد الآخر لهذا الرجل الآخر فهذا على وجهين.

الأول: أن تكون هذه الشهادة من الوارثين قبل قضاء القاضي بالوصية الأولى، وفي هذا الوجه القاضي يقبل شهادة الوارثين ذكرا رجوعاً عن الوصية الأولى أو (لم) يذكرا رجوعاً عنها، غير أنهما إن لم يذكرا رجوعاً عن الوصية الأولى، بقيت الوصية الأولى، ووجبت الوصية الثانية، ووجب تنفيذهما من الثلث؛ لأن محل الوصية الثلث، فيأخذ كل واحد منهما نصف العبد الموصى به له.

فإن ذكرا رجوعاً عن الوصية الأولى بطلت الوصية الأولى، ويكون العبد الثاني للموصى له الآخر اعتباراً للثابت بالبينة بالثابت عياناً، وإن كان القاضي قضى بالوصية الأولى، ثم شهد الوارثان بما ذكرنا، لا تقبل شهادتهما ذكرا رجوعاً عن الوصية الأولى، أو لم يذكرا رجوعاً، إن ذكرا رجوعاً؛ لأنهما بشهادتهما يبطلان قضاء القاضي عليهما؛ لأن الوارث يصير مقضياً عليه بطريق الخلافة عن الميت.

ولهذا قلنا: إن الوارث لو ادعاه لنفسه ملكاً مطلقاً لا يصح لصيرورته مقضياً عليه، ولأنهما بهذه الشهادة يعيدان العبد الأول إلى ملكهما، لأن العبد الأول قد زال عن ملكهما بقضاء القاضي، وكل ذلك مانع قبول الشهادة ولا شيء للثاني بحكم إقرارهما، لأنهما أقرا بحق الثاني من الثلث بطريق الوصية، والقاضي جعل كل الثلث للأول فلم يبقي محل حق الثاني فلهذا لا يسلم له شيء.

وأما إذا لم يذكرا رجوعاً فلأنهما بهذه الشهادة يعيدان نصف العبد الأول إلى ملكهما بنصف العبد الثاني فيكون في معنى البيع، والبيع لا يثبت بشهادتهما بخلاف ما قبل القضاء لأن قبل القضاء العبد الأول لم يزل عن ملكهما فلا يتصور البيع أما هاهنا بخلافه.

وكذلك لو كان مكان الوصية الثانية عتقاً بأن شهد الوارثان أن الميت أعتق هذا العبد الآخر في مرض موته إن كان شهادتهما بعدما قضى القاضي بالوصية الأولى لا تقبل شهادتهما، وإن كان قبل قضاء القاضي تقبل شهادتهما.

لأن بعد القضاء لو قبلت شهادتهما احتجنا إلى نقض قضاء أمضى عليهما وذلك لا يجوز ولا كلذلك قبل القضاء، ولكن مع أنه لا تقبل شهادتهما بحكم بعتق العبد؛ لأنهما مالكان أقرا بعتق مملوك لهما ويسعى العبد في قيمته؛ لأنهما أقرا بعتقه بطريق الوصية من الثلث، والثلث صار مستحقاً

<<  <  ج: ص:  >  >>