[الفصل الأول: في الألفاظ التي تجري في الوقف وما يتم به الوقف وما لا يتم]
إذا قال: أرضي هذه صدقة محررة مؤبدة حال حياًتي وبعد وفاتي، أو قال: أرضي هذه صدقة مؤبدة في حال حياًتي وبعد وفاتي، أو قال: أرضي هذه صدقة محبوسة مؤبدة أو حبسة مؤبدة حال حياًتي وبعد وفاتي، يصير وقفاً جائزاً لازماً على الفقراء عند الكل، ولو لم يقل حال حياًتي وبعد وفاتي، فالمسألة على الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبه على ما يأتي بعد هذا إن شاء الله.
ولو قال: أرضي هذه صدقة محبوسة، أو قال: حبسته ولم يقل: مؤبدة فإنه يصير وقفاً، في قول عامة من يجيز الوقف، وقال الخصاف وأهل البصرة بأنه: لا يصير وقفاً، ولو قال: أرضي هذه صدقة موقوفة على المساكين يصير وقفاً بالإجماع، وذهبوا في ذلك إلى أن جواز الوقف معلق بالتأبيد لما نبين بعد هذا إن شاء الله، وما يكون معلقاً بالتأبيد لا يكون إلا بذكر التأبيد نصاً وإنما جاز بذكر المساكين ولم ينص على التأبيد؛ لأن ذكر المساكين ذكر التأبيد؛ لأنهم لا يقطعون أبداً وجه قول العائد أن التأييد كما يثبت بذكر الصدقة؛ لأن الصدقة تثبت مؤبدة؛ لأنها لا يحتمل القسم، ولو قال: أرضي هذه موقوفة، أو قال: داري هذه موقوفة أو قال: أرضي هذه، أو قال: داري هذه، فعلى قول أبي يوسف يكون وقفاً، وقال محمد وهلال لا يكون وقفاً، وكذلك على قول الخصاف وأهل البصرة لا يكون وقفاً؛ لأنه لما لم يصير وقفاً في المسألة الأولى عندهم وقد جمع بين الصدقة والموقوفة؛ فلأن لا يصير وقفاً هنا كان أولى.
وجه قول محمد أن قوله: وقفت أرضي، يحتمل وقفتها على الفقراء فيكون وقفاً تاماً، ويحتمل وقفتها على الأغنياء، فلا يكون وقفاً بالشك، وأبو يوسف يقول: العرف الظاهر فيما بين الناس إنهم يريدون بهذا الوقف على الفقراء وكان مشايخ بلخ يفتون بقول أبي يوسف، قال: صدر الشهيد في «واقعاته» ونحن نفتي به أيضاً وكذلك إذا قال: أرضي هذه حرمتها أو حبستها أو قال: هي محرمة أو قال: محبوسة أو قال: حبسته فهو على الخلاف أيضاً، وكذلك إذا قال: أرضي هذه موقوفة محرمة حبس، أو قال: موقوفة حبس محرمة لا تباع ولا توهب ولا تورث فهو على الخلاف أيضاً.
وكذلك لو قال: أرضي هذه صدقة موقوفة أو قال: أرضي هذه وقف أو قال: صدقة محبوسة فهي بلا خلاف * هذا إذا لم يعين إنساناً، فأما إذا عين بأن قال: وقفت أرضي هذه على فلان أو قال: داري هذه موقوفة على فلان أو قال: على ولدي أو قال: على قرابتي وهم يحصون * لا يجوز.