المرأتين، ولكن لا بد له من حجة عند التعارض والتنازع، والحجة شهادة امرأة واحدة على رواية أبي حفص حتى أنه إذا قامت كل واحدة منهما امرأة ثبت النسب، فهو على رواية أبي حفص وعلى رواية أبي سليمان: الحجة شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، فإن أقاما ذلك ثبت منهما، وما لا فلا.
وإذا ادعاه الملتقط ورجل آخر فالملتقط أولى، وإذا ادعا اللقيط رجلان كل واحد منهما يدعي أنه ابنه ووصفه أحدهما بعلامات في جسده، وأصاب النسب الآخر قضي للذي وصف، وجعل إصابة الوصف علامة صدقه في دعوته، وإن لم يصب واحد منهما فهو ابنهما، ولو وصفا فأصاب أحدهما دون الآخر قضي للذي أصاب، وكذلك لو قال أحدهما: هو غلام، وقال الآخر: هو جارية يقضى للذي أصاب، ولو تفرد رجل بالدعوة وقال: هو غلام، فإذا هو جارية، أو قال: هو جارية، فإذا هو غلام لا يقضى له أصلاً.
ولو ادعاه رجل أنه ابنه من هذه المرأة الحرة، وادعى آخر أنه جده، وأقاما البينة قضي للذي ادعى البنوة، وإن ادعى أحدهما أنه ابنه من هذه المرأة الحرة، وادعى الآخر أنه ابنه من هذه المرأة الأمة قضي للذي ادعا النسب من المرأة الحرة، ولو أقام كل واحد منهما بينة أنه ابنه من هذه المرأة الحرة عين كل واحد منهما امرأة أخرى؛ قضي بالولد بينهما، وهل يثبت نسب الولد من المرأتين؟ فعلى قول أبي حنيفة يثبت، وعلى قولهما لا يثبت، وإذا ادعى نسبه رجلان وَوَقّتَ بينة كل واحدة منهما، فإن عرف أن الصبي على أحد الوقتين قضي له، وإن كان سن الصبي مشكل يحتمل أن يكون على كل واحد من الوقتين فعلى قول أبي يوسف ومحمد يسقط التاريخ، ويقضى بينهما باتفاق الروايات، فأما على قول أبي حنيفة رضي الله عنه فقد ذكر شيخ الإسلام أنه اختلفت الروايات على قول أبي حنيفة رضي الله عنه، ذكر في رواية أبي حفص رضي الله عنه أنه يقضي بينهما، وذكر في رواية أبي سليمان (١٠٧أ٢) أنه يقضى لأسبقهما تاريخاً، وذكر شمس الأئمة الحلواني ذكر في عامة الروايات أنه يقضى بينهما، وذكر في بعض الروايات أنه يقضى لأسبقهما تاريخاً، قال محمد رحمه الله: والصحيح ما ذكر في عامة الروايات.
وفي «القدوري» : ادعى اللقيط مسلم وذمي؛ قضي للمسلم؛ لأن منفعة الصبي فيه أكثر، وكذلك إذا شهد للمسلم ذميان، وشهد للذمي مسلمان قضي للمسلم؛ لأن شهادة كل واحد من المدعيين حجة على صاحبه واستويا فكان المسلم أولى، وفي «الأصل» : إذا التقطه ذميين وتنازعا في كونه عبداً لأحدهما قضي به للمسلم والله أعلم.
[الفصل الخامس في تصرفات اللقيط بعد البلوغ]
اللقيط إذا والى الملتقط أو رجلاً آخر بعدما أدرك جاز، وهذا إذا لم يتأكد ولاؤه أثبت المال، فأما إذا تأكد بأن حق حمايته وغفل عنه ببيت المال لا تجوز موالاته، وإذا