وإن كان الآبق رجل؛ والراد رجلان، فالجعل بينهما على السواء، وإن كان الآبق رهناً فجاء به رجل فهو رهن على حاله، والجعل على المرتهن إن كانت قيمته مثل الدين؛ لأن الجعل للراد يسبب إحياء المالية، والإحياء بقدر الدين حصل للمرتهن، ألا ترى أنه لو لم يرده حتى تحققت.... أسقط دين المرتهن، والجعل يخالف النفقة، فإن نفقة المرهون على الراهن، وجعل المغصوب إذا أبق (١١٠أ٢) من يد الغاصب، وإذا كان الآبق خدمته لرجل ورقبته لرجل؛ فالجعل على صاحب الخدمة؛ لأن منفعة الرد في الحال لصاحب الخدمة، فكان هو المخاطب بالجعل في الحال، وإذا انقضت الخدمة رجع صاحب الخدمة بالجعل على صاحب الرقبة أو يباع العبد فيه؛ لأن صاحب الرقبة صاحب أصل.
ولمن جاء بالعبد الآبق أن يمسكه حتى يستوفي الجعل؛ لأنه استوجب الجعل بإحياء المالية، فكان بما استوجب تعلقاً بالمالية، فيحبسه به كما يحبس البائع المبيع بثمنه، وإن هلك في يده بعدما قضى القاضي له بالإمساك بالجعل، أو قبل المرافعة إلى القاضي فلا ضمان ولا جعل، وإذا صالح الذي جاء بالآبق مع مولاه من الجعل على عشرين درهماً جاز؛ لأنه يجوز بدون حقه، وإن صالح على خمسين درهماً وهو لا يعلم أن الجعل أربعون جاز بقدر أربعين، وبطل الفضل، وإذا أبقت الأمة ولها صبي رضيع فردهما رجل فله جعل واحد، إلا إذا ارتهن فحينئذ تجب ثمانون درهماً وإذا رجع الواهب في الهبة بعدما رد الموهوب من إباقه، فالجعل على الموهوب له؛ لأن الرد إحياء المالية له بالرد إليه، فزوال ملكه بعد ذلك بالرجوع لزوال ملكه بموت العبد.
[الفصل الثالث فيمن يستحق الجعل ومن لا يستحق]
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا (كان) المكاتب لا يستحق الجعل؛ لأن استحقاق الجعل بالرد لإحياء مالية الرفعة بالردة، وذلك لا يوجد في المكاتب؛ لأن حق المولى في بدل الكتابة في ذمته خاصة، ولم يصر ذلك على شرف الهلاك بإباقه حتى يكون في الرد إحياؤه، ولراد المدبر وأم الولد الجعل، وهذا الجواب مشكل في أم الولد؛ لأن الجعل يستحق بإحياء المالية، والمالية لأم الولد خصوصاً عند أبي حنيفة رضي الله عنه، والجواب أن لها مالية باعتبار الكسب، فإنه أحق بكسبها، وقد أحيا الراد بالرد بخلاف المكاتب؛ لأن كسب المكاتب له لا حق للمولى فيه، فالراد بالرد لا يحيي مالية للمولى لا باعتبار القيمة، ولا باعتبار الكسب، ولو مات المولى قبل أن يصل بها إليه، فلا جعل، وإن كان على المدبر سعاية ورده إلى الورثة فلا جعل؛ لأنه رد حراً عندهما، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه رد مكاتباً، ولا رد بجعل المكاتب، ولا جعل للوصى إذا رد