للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثامن: في الطواف والسعي]

وقد ذكرنا قبل هذا أنه ينبغي للطائف أن يفتتح الطواف عن يمينه إلى باب الكعبة، ولو أخذ عن يساره على باب الكعبة، وطاف كذلك سبعة أشواط يعيد طوافه في حكم التحلل عندنا، وعليه الإعادة ما دام بمكة. وإن رجع إلى أهله قبل الإعادة فعليه دم.

وقال الشافعي رحمه الله: لا يعتد بطوافه، ولعل المسألة إذا طاف بالبيت معكوساً، وأما إذا سعى معكوساً بأن بدأ بالمروة، فمن أصحابنا رحمهم الله من قال: يعتد به ولكن يكره، والصحيح أنه لا يعتد بالشوط الأول لا لكونه معكوساً لكن؛ لأن الواجب هناك صعود الصفا أربع مرات، وصعود المروة ثلاث مرات، فإذا بدأ بالمروة، فإنما صعد الصفا ثلاث مرات، فعليه أن يصعده مرة أخرى فلا يمكنه ذلك إلا بإعادة شوط واحد بين الصفا والمروة، فأما ها هنا ما ترك شيئاً من أصل الواجب عليه، وقد دار حول البيت سبع مرات فلهذا كان طوافه معتداً به.

وينبغي أن يطوف بالبيت ماشياً، ولو طاف راكباً أو محمولاً، أو سعى بين الصفا والمروة راكباً أو محمولاً إن كان كذلك من عذر يجزئه، ولا يلزمه شيء، وإن كان من غير عذر، فما دام يمكنه، فإنه يعيد، وإذا رجع إلى أهله، فإنه يريق لذلك دماً عندنا، ولو كان الذي حمل هذا الشخص محرماً هل يجزئه بذلك عن طوافه؟ ذكر القاضي الإمام جلال الدين محمود بن مسعود النسفي أن عندنا يجزئه، وعلّل فقال: إن المقصود من الطواف حضور الطائف في جميع مكان الطواف ليصير زائراً لجميع البيت، وقد حضر في مختلفاته في جميع أماكن الطواف، فيسقط عنه الفرض كما في الوقوف بعرفات.

بعض مشايخنا قالوا: إنما يجوز الحامل عن طوافه إذا نوى الطواف أما إذا لم ينوِ لا يجزئه، واستدل هذا القائل بما ذكر القدوري في «شرحه» : إذا طاف بالبيت طالباً الغريم، أو هارباً من عدو أو سبع، ولا ينوي الطواف لا يجزىء عن طوافه بخلاف الوقوف بعرفة، وبعضهم قالوا: وإن لم ينوِ الحامل الطواف جاز إن لم يرد به الحمل، ويستدل هذا القائل بما ذكر القدوري أيضاً.

وكل من وجب عليه طواف، فأتى به وفيه وقع عنه سواء نواه أو لم ينوه، أو نوى به طوافاً آخر، ومثاله المحرم بالحجة والعمرة إذا قدم مكة، وطاف، ولم ينوِ شيئاً أو نوى التطوع، فإن كان معتمراً وقع عن العمرة، ولو كان حاجاً وقع عن طواف القدوم، فالحاصل أن على قول هذا القائل نية الطواف ليست بشرط وقت الطواف، إنما الشرط أن لا يكون ناوياً شيئاً آخر، وخرج على هذا ما إذا طاف بالبيت طالباً الغريم؛ لأن هناك قصد شيئاً آخر سوى الطواف، وفي مسألتنا لو كان قصد الحامل ونيته حمل المحمول لا يجزئه عن الطواف أيضاً.

وفي «المنتقى» : بشر عن أبي يوسف رحمه الله: طاف المحرم بالحج يوم النحر

<<  <  ج: ص:  >  >>