للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغرس فيها ما بدا لي من النخل أو الشجر، فغرستها هذا النخيل، وبنيتها هذا البناء، وقال المعير: أعرتك الدار والأرض وفيها هذا البناء والأغراس، فالقول قول المعير؛ لأن البناء والأغراس بحكم الاتصال صار وصفاً للأرض بمنزلة أوصاف الحيوان.

وإن أقاما البينة، فالبينة بينة المعير أيضاً؛ لأن الإعارة لا تكون إلا بعد سابقة الاستعارة، فالمعير ببينته أثبت استعارته الأرض مع البناء والأغراس، وباستعارة الأرض مع البناء والإغراس يصير مقراً بالبناء والإغراس.

[الفصل التاسع في المتفرقات]

رد المستعار على المستعير، ورد المستأجر على الآجر، والعبرة لما يعود ويحصل.

فالحاصل للآجر بدل المنفعة، وللمستأجر المنفعة، وبدل المنفعة عين فكان خيراً من المنفعة، فكان مؤنة الرد عليه.

والحاصل للمستعير المنفعة، والمعير لا شيء له، فإنما يعود إليه ملكه لا غير، فكان المستعير أسعد حالاً، فكان مؤنة الرد على المستعير ذكره الصدر الشهيد في باب من المسائل المتفرقة من كتاب الإجارة، وفي «الواقعات» نفقة العبد المستعار على المستعير، وكسوته على المعير؛ لأن بقاء المنفعة الحالية بالنفقة، والمنفعة تعود إلى المستعير، ولا كذلك الكسوة.

قال أبو نصر: لو أن رجلاً استعار من رجل عبداً فطعام العبد على المستعير، ولو أن مولى العبد أعاد العبد فطعامه على المعير؛ قال الفقيه أبو الليث: يعني إذا قال مولى العبد: خذ عبدي، واستخدمه من غير أن تستعيره، فإن هذا بمنزلة الوديعة، فطعامه على مولاه.

في «المنتقى» : إذا قال لغيره: أعرني ثوبك، فإن ضاع فأنا له ضامن، فلا ضمان عليه، وهذا الشرط باطل؛ لأنه يخالف قضية التبرع، وكذلك هذا الحكم في سائر الأمانات؛ نحو الودائع وغيرها.

وفيه أيضاً: بشر عن أبي يوسف في المستعير إذا خرج بالدابة، أو الثوب من المصر، فاستعمله، فهو ضامن، وإن خرج به ولم يلبس، ولم يركب؛ ضمن في الدابة، ولم يضمن في الثوب؛ معنى المسألة استعار ثوباً، أو دابة في المصر حتى تقيد الإذن بالاستعمال في (المصر) لما أن الاستعمال خارج المصر يخالف الاستعمال في المصر، ثم خرج بهما عن المصر إن استعمل الثوب والدابة، فهو ضامن، وإن لم يستعملهما ففي الثوب لا ضمان؛ لأنه حافظ له خارج المصر؛ كما هو حافظه في المصر؛ بخلاف الدابة؛ لأنها بمجرد الخروج، صارت عرضة للنفور، فيكون إخراجها إتلافها معنى فيضمن لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>