وذكر الصدر الشهيد في الباب الأوّل من رهن «الجامع» في هذا الفصل روايتان، قال: والصحيح أنه لا يحتاج إلى تجديد البيع وإنما أجاز المستأجر البيع نفد البيع في حق الكلّ، ولكن لا تنزع العين من يد المستأجر إلى أن يصل إليه ماله، وإن رضي بالبيع واعتبر رضاه بالبيع تفسخ الإجارة لا للانتزاع من يده، وعن بعض مشايخنا أن الآجر إذا باع المستأجر بغير رضا المستأجر، وسلم ثم أجاز المستأجر البيع والتسليم بطل حقه في الحبس، وإذا باع الآجر بغير رضا المستأجر وأراد المستأجر فسخه فقد ذكرنا في كتاب البيوع أنه ليس له ذلك.
وذكر الصدر الشهيد في «الفتاوى الصغرى» : أن له ذلك في ظاهر الرواية، وفي رواية الطحاوي ليس له ذلك، وأحاله إلى رهن الجامع لشمس الأئمة الحلواني رحمه الله، وكان القاضي الامام الإسبيجابي يقول: ليس للمستأجر حق الفسخ وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، وهكذا ذكره نجم الدين النسفي رحمه الله في شرح «الشافي» والسيد الإمام أبو شجاع في رهن الجامع.
وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله في «شرح الجامع» : إن في المسألة روايتان في رواية ليس له ذلك، وإنه استحسان وعليه الفتوى وقد ذكرنا هذه المسألة في الفصل السابع، وإذا باع الآجر المستأجر برضا المستأجر حتى انفسخت الإجارة أو تفاسخا العقد، أو انتهت المدّة والزرع بقل وقد صار بحال يجوز بيعه بلا خلاف أو كان بحال في جواز بيعه اختلاف المشايخ، فهو للمستأجر، فلو أبرأ المستأجر الآجر عن جميع الخصومات والدعاوي، ثم أدرك الزرع ورفع الآجر الغلة فجاء المستأجر وادعى الغلة لنفسه وخاصم الآجر فيها هل تصح دعواه، وهل تسمع خصومته؟.
فقد قيل: ينبغي أن تسمع؛ لأن الغلة إنما حدثت بعد الإبراء فلا تدخل تحت الإبراء، ولو كان الآجر قد رفع الغلة ثم إن المستأجر أبرأه عن الخصومات والدعاوي، ثم ادعى الغلة بعد ذلك لا تسمع دعواه؛ لأن الغلة كانت موجودة وقت الإبراء فدخلت تحت الإبراء أكثر ما في الباب أن الغلة عين إلا أن الإبراء عن الأعيان، إنما لا تصح بمعنى أنه لا تصير العين ملكاً لمن وقع البراءة أما لا يصح دعوى المشتري العين بعد ذلك، وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
الفصل العشرون: في إجارة النباتِ والأمتعة والحلي (٣٦أ٤) والفسطاط وأشباهها
إذا استأجر الرجل ثوباً ليلبسه إلى الليل بأجر معلوم فهو جائز، وكذلك إذا استأجر دابة ليركبها إلى مكان معلوم فهو جائز، ولو لم يبين من يلبس أو من يركب لا يجوز.
وفرق بين هذا وبينما إذا استأجر عبداً للخدمة ولم يبين من يخدمه، أو استأجر داراً