البازي المعلم إذا أخذ صيداً، وقتله، ولا يدري مآل حال البازي أرسله إنسان أو لا، لا يؤكل، وكذلك الكلب على هذا، ويكره لحم الإبل الجلالة، والعمل عليها، وتلك حالها التي تعتاد أكل الجيف ولا يخلط ويكون ميتاً، وإنما كره الاستعمال كيلا يتأذى الناس بروائحها، فأما ما تخلط فيتناول الجيف وغير الجيف على وجه لا يظهر ذلك في لحمه فلا بأس بأكل لحمه والعمل عليها.
ألا ترى إلى ما ذكر محمد رحمه الله في «النوادر» : لو أن جدياً غذي بلبن خنزير، فلا بأس بأكله؛ لأن ذلك لا يؤثر في لحمه، ولا يتغير به، وعلى هذا لا بأس بأكل الدجاج، وإن كان يقع على الجيف؛ لأنها تخلط، فلا يتغير لحمه، ولا ينتن، والحكم يدور على هذا المعنى.
وما ذكر في «الكتاب» : أن الدجاج يحبس، فذلك في الذي لا يأكل إلا الجيف، فأما الذي يأكل الجيف وغيره، فالحبس فيه ليس بشرط، ثم قال: يحبس أياماً، وقد اختلفت الروايات عن أصحابنا رحمهم الله؛ منهم من قال: ثلاثون يوماً، ومنهم من قال: عشرون، ومنهم من قال: عشرة.
وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن الإبل تحبس أربعون، والبقر عشرون، والشاة عشرة، والدجاج ثلاثة، وهكذا روي عنهم في «النوادر» ، وروي عن أصحابنا في الإبل عشرون، وفي البقر عشرة، وفي الشاة ثلاثة، وفي الدجاج يوم، وقال بعضهم: في كل ذلك أيام.
والأصح أنها تحبس إلى أن تزول عنها الرائحة المنتنة، وإليه أشار في «الأصل» حيث قال: حتى تزول عنها الرائحة الكريهة، ثم ذكر في «الأصل» الأكل والعمل عليها، ولم يذكر البيع، وذكر في «النوادر» بيعها، وهبتها ما دام تلك حالها.
وعن محمد في الجدي يغذى بلبن الحمار مرة أو مرتين أنه لا يكره، فإذا كثر كره؛ حتى يعلف مدة يحدث فيه مثل هذا السمن، وروي أنه لا يكره؛ لأنه يتغير، ويجب أن تكون مسألة الجدي غذي بلبن الخنزيرعلى الروايتين أيضاً، وذكر الحسن في الشاة تشرب خمر أو ما فيه بول أنه يكره ذبحها ساعته حتى تحبس ثلاثة أيام، وذكر الطحاوي خلافه، الجنين إذا خرج حياً، ولم يكن من الوقت مقدار ما يقدر على ذبحه، فمات؛ يؤكل، هكذا ذكر في الصيد إذا أصابه السهم، وأدركه صاحبه، ولم يتمكن من ذبحه لضيق الوقت؛ عن شمس الأئمة السرخسي: أنه لا يحل عندنا؛ فعلى قياس تلك المسألة ينبغي أن لا يحل هذا أيضاً.
في «المنتقى» : قال محمد رحمه الله: في الجنين إذا لم يتم خلقه لا يؤكل، وإن تم