وأما عرفاً فإن مخاطبات الناس تعتبر بعد زوال الشمس يقولون قبل الزوال: كيف أصبحت، ويقولون بعد الزوال: كيف أمسيت فثبت أن بعد زوال الشمس يدخل أول وقت العشاء والإجارة تنتهي بدخول أول جزء من الغاية.
قالوا: وهذا في عرفهم أما في عرفنا الإجارة لا تنتهي بزوال الشمس وإنما تنتهي بغروب الشمس؛ لأن اسم العشاء في عرفنا إنما ينطلق على ما بعد غروب الشمس، وكذلك إذا قال بالفارسية: ابن خر نمر ذكر فتم بإشباعها فهذا إلى غروب الشمس في عرفنا.
قال: إذا تكارى دابة يوماً ليركبها، فإنه يركبها من حين طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس عملاً بحقيقة اسم اليوم، وإنما تركنا العمل بحقيقة هذا الاسم فيما إذا استأجر رجلاً يوماً ليعمل له عمل كذا.
وقلنا: إن على الأجير أن يعمل بعد صلاة الفجر بحكم العرف الغالب على ما مر، والعرف في الدابة بخلاف ذلك فإن الناس يركبون الدواب في عاداتهم بغلس ليصلوا إلى مقصدهم قبل الليل فيعمل فيها بحقيقة الاسم. وإن استأجر دابة ليلاً فإنه يركبها عند غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر، لأن الليل في عرف لسان الشرع واللغة اسم لما بعد غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر، فكأنه نص على ذلك ولو نص على ذلك كان الجواب كما قلنا فهاهنا كذلك.
وفي «فتاوى أبي الليث» : أعطى رجلاً درهمين ليعمل له يومين فعمل له يوماً واحداً وامتنع عن العمل في اليوم الثاني، فإن كان سمى له عملاً فالإجارة جائزة ويجبر على العمل، وإن لم يعمل حتى مضى اليوم الثاني لا يطالب بالعمل، وإن كان سمى له العمل إلا أنه قال: يومين من الأيام فالإجارة فاسدة لجهالة الوقت وله أجر مثله إن عمل.
وفي «فتاوى الفضل» : إذا استأجر رجلاً يوماً لعمل كذا فعليه أن يعمل ذلك العمل إلى تمام المدة، ولا يشتغل بشيء آخر سوى المكتوبة.
وفي «فتاوي أهل سمرقند» : وقد قال بعض مشايخنا: إن له أن يؤدي السنة أيضاً، واتفقوا أنه لا يبتد نفلاً وعليه الفتوى، وفي غريب الرواية قال أبو علي الدقاق رحمه الله: المستأجر لا يمنع الأجير في المصر من إتيان الجمعة ويسقط من الأجر بقدر اشتغاله بذلك إن كان بعيداً، وإن كان قريباً لم يحط عنه شيء من الأجر، فإن كان بعيداً فاشتغل قدر ربع النهار حط عنه ربع الأجر، وإن قال الأجير حط من الربع مقدار اشتعاله بالصلاة لم يكن له ذلك، ثم قال: تحتمل أن يتحمل من الربع مقدار اشتغاله بالصلاة.
[الفصل الرابع: في تصرف المؤجر في الأجرة]
إذا أبرأ المؤاجر المستأجر من الأجرة أو وهبها منه أو تصدق بها عليه، وكان ذلك