للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير محضر من المسلط كالوكيل بالبيع، فأما في مسألتنا كل واحد منهما غير مسلط على الفسخ من جهة صاحبه، وإنما هو مسلط على الانتفاع وإنما يثبت الخيار لنوع عذر فكان بمنزلة ما لو ثبث الخيار بسائر الأعذار، وفي ذلك لا يصح الفسخ إلا بمحضر من صاحبه كذا فهنا.

وفي «شروط الحاكم أحمد السمرقندي» رحمه الله: أن أحد المتعاقدين في باب الإجارة إذا فسخ العقد في مدة الخيار يصح فسخه سواء كان بحضرة صاحبه أو بغيبة صاحبه، ولم يذكر فيه خلافاً.

وإذا استأجر داراً سنة كل شهر بكذا فليس لواحد منهما فسخ الإجارة قبل إكمال السنة بغير عذر، لأن الإجارة ها هنا وقعت على جميع السنة وذكر كل شهر لتقسيم الأجر على الشهور لا لتجدد انعقاد العقد رأس كل شهر.

وفي «شروط الحاكم أحمد السمر قندي» : إذا استأجر داراً كل شهر بكذا، فعجل أجرة شهرين أو ثلاثة وقبض الآجر ذلك لا يكون لأحدهما ولاية الفسخ بقدر ما عجل، وكان التعجيل منهما دلالة العقد في الشهر الثاني والثالث.

قال في «الأصل» : وإذا استأجر عبداً ليخدمه كل شهر بكذا كان له أن يستخدمه من السحر إلى ما بعد عشاء الآخرة، والقياس أن يستخدمه آناء الليل والنهار لأن الشهر اسم للكل إلا أن ما بعد العشاء الآخرة إلى السحر صار مبيتاً بحكم العرف، فإن العرف فيما بين الناس أنهم لا يستخدمون المماليك بعد العشاء الآخرة إلى السحر والمعروف كالمشروط.

وقال أيضاً: رجل تكارى رجلاً يوماً إلى الليل بعمل معلوم فإن على الأجير أن يعمل بعد صلاة الغداة إلى غروب الشمس، والقياس أن يعمل من وقت طلوع الفجر الثاني إلى ما بعد صلاة الغداة صار منهياً عن الإجارة عرفاً والمعروف كالمشروط.

قال محمد رحمه الله: والعمال بالكوفة إنما يعملون إلى العصر وليس لهم ذلك لأن اسم اليوم ينطلق على هذا الزمان من حين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، إلا أن ما بعد طلوع الفجر إلى ما بعد صلاة الغداة صار مثبتاً عن الإجارة يعرف غالباً، لأن الأجراء لا يعملون قبل صلاة الغداة، وليس فيما بعد العصر عرف غالب، فإن بعض الأجراء يعملون إلى العصر وبعضهم إلى غروب الشمس وليس أحد الوجهين بأغلب من الآخر، وتخصيص الاسم إنما يجوز بعرف غالب.

قال أيضاً: وإذا تكارى دابة من الغدوة إلى العشي يردها بعد زوال الشمس ينتهي الإجارة بهما، لأنه كما زالت الشمس فقد دخل أول وقت العشاء عرفاً وشرعاً، أما شرعاً فلما روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بنا إحدى صلاتي العشاء أما الظهر وأما العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>