عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يجهر، وروى الطحاوي عن أستاذه أبي عمر بن العلاء عن أبي حنيفة رحمهم الله أنه يجهر وهو قول أبي يوسف، ومحمد رحمهما الله. احتجوا بما روى الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي عليه السلام:«كان يكبر في الفطر والأضحى إذا خرج من بيته رافعاً صوته بالتكبير» ولأبي حنيفة رحمه الله ما روي أن ابن عباس رضي الله عنهما مر في يوم الفطر ومعه قائد فسمع الناس يكبرون فقال: أكبر الإمام، فقال: لا، قال: أفجن الناس؛ ولأن هذا وقت اختص بركن من أركان الحج فلا يشرع فيه التكبير قياساً على رمضان؛ وهذا لأن التكبير شرع علماً على وقت أركان الحج.
فإن قيل: كلما دخل شوال دخل وقت بعض أفعال الحج فإنه لو أحرم في شوال وسعى لها يجوز، والسعي من أفعال الحج.
قلنا: هذا من واجبات الحج لا من أركانه والواجبات تقع للأذكار فشرع التكبيرات علماً على الأركان، وإنها أصول لا يدل على شرعها علماً على الواجبات وإنها توابع. وعن الفقيه أبي جعفر رحمه الله أنه قال: سمعت أن مشايخنا كانوا يرون التكبير في الأيام العشر بدعة في الأسواق. والله تعالى أعلم.
[الفصل الثامن والعشرون في صلاة الخوف]
يجب أن نعلم بأن صلاة الخوف بقيت مشروعة بعد الرسول صلى الله عليه وسلّمفي ظاهر الرواية، وفي رواية الحسن بن زياد عن أبي يوسف أنها لم تبق مشروعة حتى لو صلى الإمام صلاة الخوف في زماننا على الوجه الذي صلاها رسول الله عليه السلام جاز في ظاهر رواية أصحابنا. وفي رواية الحسن عن أبي يوسف أنه لا يجوز وهذا ذكره محمد في الأثر عن أبي يوسف قال محمد: هذا قولي لولا الأثر أشار إلى أن القياس ما قاله أبو يوسف، لكن ترك القياس بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وجه رواية أبي يوسف: أن القياس أبى جواز صلاة الخوف لما فيه من المشي واستدبار القبلة، لكن عرفنا الجواز في زمن رسول الله عليه السلام بالنص وهو قوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وحِدَةً وَلاَ