قال أصحابنا رحمهم الله: كل لفظين بلسان عن التمليك والتملك على صيغة الماضي والحال ينعقد بهما البيع، وذلك نحو أن يقول أحدهما ويقول الآخر: اشتريت وقبلت، وكذلك كل لفظين يؤديان معناهما، ولو قال البائع: ابتعك فقال المشتري: اشتريت بمعنى بعت لا ينعقد البيع بينهما، وفرق البيع والنكاح، فإن الرجل إذا قال للمرأة: تزوجيني فقالت: تزوجت ينعقد النكاح، والفرق قد عرف في موضعه.
ولو قال لغيره: بعت منك هذا العبد بكذا فقال المشتري: اشتريت ولم يسمع البائع كلام المشتري لا ينعقد البيع بينهما، فسماع المتعاقدين كلامهما في البيع شرط انعقاد البيع بالإجماع، فإن سمع أهل المجلس كلام المشتري والبائع يقول: لم أسمع ولا وقر في أذنه لا يصدق البائع؛ لأن الظاهر يكذبه، وإذا قال لغيره: بعت منك هذا العبد فقال المشتري: أجرب ينعقد البيع بينهما، ذكره في «الأمالي» .
وإذا قال لغيره: بعت منك هذا العبد وقال الآخر: قبلت قال الفقيه أبو بكر رحمه الله: يكون بيعاً، وقال الفقيه أبو جعفر: لا يكون بيعاً، وبه أخذ الفقيه أبو الليث.
رجل قال لغيره: عبدي هذا لك إن أعجبك فقال: أعجبني فهذا بيع، وكذلك إذا قال: إن أردت فهو سلف بعت، فهذا كله بيع في الجواب، وأما في الابتداء فلا يلزمه.
إذا قال الآخر: إن أديت إليّ كذا كذا درهماً ثمن هذا الثوب فقد بعته منك، فأدى الثمن في المجلس يكون بيعاً صحيحاً استحساناً ذكره في «السير» وكذا إذا قال: «فروختم جون بها بن ربيد» فأعطاه الثمن في المجلس فهذا بيع صحيح استحساناً. وفي «النوازل» إذا قال الآخر: بعت منك عبدي هذا بألف درهم فقال المشتري: قد فعلت فهذا بيع؛ لأن هذا تحقيق، ولو قال: نعم لا يكون بيعاً، فقد فرق بين قوله فعلت وبين قوله نعم، واستشهد فقال: ألا ترى من قال لامرأته اختاري نفسك فقالت: قد فعلت فهذا اختيار، ولو قالت نعم فهذا ليس باختيار.
وذكر في «فتاوي أهل سمرقند» أن من قال: لغيره اشتريت عبدك هذا بألف درهم فقال البائع قد فعلت (٣٥ب٣) أو قال: نعم أو قال: هات الثمن صح البيع بينهما؛ لأن هذا جواب، وسوى بين قوله فعلت وبين قوله نعم فكان فيه قولان والأصح أنه ينعقد البيع، وإذا قال لغيره بالفارسية: ابن خانه وآخر يدي ازمن بجندين فقال: اخر يدم ولم يقل المخاطب بعد ذلك فروختم. حكى الإمام الأجل ظهير الدين عن عمه شمس الإسلام الأوزجندي عن أستاذه الإمام شمس الأئمة السرخي: أنه ينعقد البيع؛ لأن قوله فروختم