للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الحادي والثلاثون: في النصيف]

إذا استأجر الرجل داراً، ولم يسم بالعمل فيها، ينصرف إلى السكنى، وليس له أن يعمل فيها عمل القصارين والحدادين، فإن عمل فانهدم كان عليه الضمان ولا أجر عليه، وإن سلم الأجر عليه قياساً، وعليه الأجر استحساناً.

والراعي إذا رعى في مكان لم يؤذن له بالرعي فيه، فعطب الغنم أو ما أشبه ذلك، صار الراعي ضامناً لما عطب ولا أجر له. وإن سلمت الغنم كان في وجوب الأجر له قياساً واستحساناً على ما مر.

وإذا استأجر ثوباً ليلبسه مدة معلومة بأجر معلوم، ليس له أن يلبس غيره فإن ألبس غيره في ذلك الوقت إن هلك ضمنه اللبس ولا أجر عليه، وإن سلم لا أجر عليه أيضاً.

وإذا استأجر دابة بعينها ليركبها إلى مكان معلوم بأجر معلوم، ليس له أن يركب غيره فإن حمل (٥٨أ٤) عليها غيره ضمن، ولا أجر عليه وإن ركب هو وحمل معه آخر، فسلمت فعليه الكراء كله وإن عطبت بعد بلوغها ذلك المكان من ذلك الركوب، فعليه الأجر كله، وهو ضامن لنصف قيمته.

وإذا استأجر دابة ليذهب في مكان كذا، فذهب بها في مكان آخر وسلمت الدابة، أو هلكت فلا أجر عليه.

والأصل في جنس هذه المسائل: أن استيفاء المعقود عليه يوجب الأجر على المستأجر، وعند استيفاء ما ليس بمعقود عليه، إنما يجب الأجر على المستأجر إذا تمكن المستأجر من استيفاء ما هو معقود عليه، أما إذا لم يتمكن فلا. ألا ترى أن من استأجر من آخر ثوباً ليلبسه، وغصب هذا المستأجر من هذا الأجر ثوباً آخر، ثم إن المستأجر لبس الثوب المغصوب دون الثوب المستأجر، فإن كان متمكناً، من لبس الثوب المستأجر بأن كان في بيته فإنه يجب الأجر على المستأجر في الثوب المستأجر وإن لم يكن متمكناً بأن غصب رجل الثوب المستأجر من المستأجر الأجر على المستأجر أصلاً؛ لهذا إن في الوجه الأول: استوفى ما ليس بمعقود عليه، وهو منافع الثوب المغصوب مع تمكنه من استيفاء ما هو معقود عليه.

وفي الوجه الثاني: استوفى ما ليس بمعقود عليه وزيادة، فإن سلم العين يسقط اعتبار الزيادة، فيجب الأجر ولا يجب الضمان، وإن هلك العين ليست استيفاء تلك الزيادة، إن صار المستأجر بسبب استيفاء الزيادة مستعملاً كل العين يجب ضمان كل العين، وإن صار مستعجلاً بعض العين يجب ضمان البعض، وهل يجب الأجر؟ ففيما إذا وجب ضمان كل العين لا يجب شيء من الأجر، فيما إذا وجب ضمان العين بقدر الزيادة يجب كل الأجر، ومتى كان المستوفى مع ما دخل تحت العقد جنساً واحداً من حيث الاسم، إلا أن بينهما تفاوت فإن كان تفاوتاً فاحشاً، التحقا بجنسين مختلفين، ولا يعتبر

<<  <  ج: ص:  >  >>