للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنانير دراهم، كانت هذه مصارفة بدين واجب فيصح، وصار المستأجر بائعاً الدراهم مؤقتاً الدنانير. ولو كان العقد فاسداً. وباقي المسألة بحاله يطالب الآجر بإعطاء الدراهم؛ لأن الأجرة لا تملك باشتراط التعجيل في الإجارة الفاسدة، فلم تصح المصارفة، فلا يصير المستأجر مؤقتاً الدنانير فلا يجب على الآجر إيفاء الدنانير.

وإذا أجر أرضاً، وفي الأرض زرع أو أشجار لا يجوز، وإن أراد الحيلة في ذلك فقد مرّ ذكره في الفصل الخامس عشر من هذا الكتاب.

وإذا أستأجر كرماً لم يره، وقد باع صاحب الكرم الأشجار قبل الإجارة صحت الإجارة، كان للمستأجر خيار الرؤية في الكرم، ولو تصرف في الكرم تصرف الملاك بطل خيار الرؤية كما في البيع.

ولو أكل من ثمار الكرم، فقد قيل: لا يبطل خيار الرؤية؛ لأنه تصرف في المشترى وهو الثمار لا في المستأجر، وهو الكرم. ولو قيل يبطل فله وجه أيضاً.

وإذا قال لغيره: أجرتك داري هذه، أو قال: أرضي هذه على أنك تفسخ العقد متى شئت كانت الإجارة فاسدة، لأن مدة الخيار تزيد على ثلاثة أيام.

وفي «فتاوى الفضلي» : إذا أجر الرجل حانوته مشاهرة، ثم أجره من غيره إجارة طويلة، وأمر الآجر المستأجر إجارة طويلة أن يكون هو الذي يقبض الأجر من المستأجر مشاهرة ثم مات الآجر بعد ذلك، والمستأجر إجارة طويلة هو الذي يقبض الأجرة، فما قبض فهو له إلا أجرة الشهر الذي وقعت الإجارة الأولى فيه؛ لأن الإجارة الثانية إنما تصح عند الشهر الثاني؛ لأن بمجيئه تنفسخ الأولى.

ومعنى المسألة: أن الإجارة الأولى وقعت صحيحة، وإنما تمنع صحة الإجارة الثانية ولكن للآجر حق الفسخ عند الشهر الثاني، وإقدامه على الإجارة الثانية دليل الفسخ، فانفسخ العقد الأول عند الشهر الثاني. وصحت الإجارة الطويلة، فإذا طلب المستأجر إجارة طويلة الأجر من المستأجر الأول وأجابه المستأجر الأول إلى ذلك، فقد انعقد بين الأول وبين المستأجر إجارة طويلة إجارة جديدة مشاهرة. فهو معنى قوله: ما قبض المستأجر الثاني من الأجرة فهي له، إلا أجر الشهر الذي وقعت فيه الإجارة. قال القاضي الإمام ركن الإسلام علي السعدي رحمه الله: أراد بقوله: ما قبض المستأجر من الأجرة فهي له، ما قبض في حال حياة الآجر؛ لأن بموت الآجر تنفسخ الإجارة، فما يأخذ بعد ذلك يأخذ بغير حق، فيلزمه رده على من أخذ منه. وفي «الفتاوى الصغرى» : إذا أجر داره من رجل إجارة طويلة، ثم أجر من آجر طويلة لا يجوز، ولا ينقلب جائزاً بعدما انفسخت الأولى بفسخها، وإنه مشكل. وينبغي أن تكون المسألة على روايتين، لأن في الإجارة الطويلة بعض العقود مضافة، وفي صحة فسخ الإجارة المضافة قبل مجيء الوقت المضاف إليه روايتان. والإجارة الثانية دليل فسخ الإجارة الأولى كالبيع، فيجب أن تكون في المسألة روايتان كما في البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>