الثاني من غير الداخل، هكذا ذكر الحاكم السمرقندي رحمه الله في كتاب الشروط، وهذا إذا كتب ذكر الإجارة الثانية على هذه أما إذا كتب في الذكر الأول، أو على ظهره فذكر فيه سوى الأيام المستثناة المذكورة فيه، يكفي بجواز الإجارة الثانية، والله أعلم.
نوع آخر
اختلف المشايخ فيمن يجوز الإجارة الطويلة في فصل، وهو أنه: إذا كان من أحد العاقدين بحيث لا يعيش إلى مدة ثلاثين سنة معه غالباً، هل تصح هذه الإجارة؟ فبعضهم لم يجوزوا ذلك، وممن لم يجوزوا القاضي الإمام أبو عاصم العامري، ووجهه: أن الغالب يلحق بالتيقن في الأحكام حتى يحكم بموت المفقود بموت أقربائه، فإذا كان الظاهر والغالب أنه لا يعيش إلى هذه المدة تيقناً بفساد العقد، لأن تلك المدة التي خرجت من الإجارة مجهولة؛ ليتمكن الجهالة في الباقي، فلا يجوز. ولأن منفعة الأرض فيما سوى مدة عمره لا تكون مملوكة له، فقد جمع بين المملوك وغيره، والمملوك مجهول، فلا يجوز هذا العقد؛ ولأنه بمنزلة التأبيد في الإجارة لما ذكرنا. والتأقيت شرط جوازها والتأبيد يبطلها.
أقصى ما في الباب: أن حياته إلى هذه المدة غير مستحيلة، ولكن ذكرنا أن في الأحكام تصير الغالب، والظاهر.
وبعضهم جوزوا ذلك، وممن جوز ذلك الخصاف؛ لأن العبرة في هذا الباب بصيغة كلام العاقدين، وإنه يقتضي التوقيت، فصح ذلك ولا عبرة لموت أحد العاقدين قبل أسماء المدة؛ لأن ذلك عسى يوجد فيما إذا كانت المدة مقدار ما يعيش الإنسان إليها غالباً، ولا عبرة له.
ونظير هذا: ما إذا تزوج امرأة إلى مئة سنة، أنه يكون متعة، ولا يكون نكاحاً صحيحاً في الروايات الظاهرة عن أصحابنا، وإن كان لا يعيش إلى هذه المدّة غالباً وجعل ذلك بمنزلة نكاح مؤقت، واعتبر ظاهر حياته في الحال، وجعل ذلك بمنزلة الوقت اليسير، وإنما فعلنا كذلك لما ذكرنا أن الاعتبار للفظ وإنه يقتضي التأقيت، فصار النكاح مؤقتاً. والنكاح المؤقت باطل.
وكان القاضي الإمام أبو علي النسفي يقول: بأن مشايخنا يترددون في فصل النكاح في مثل هذه الصورة. بعضهم قالوا: يجوز النكاح في مثل هذه الصورة، ويجعل ذلك التأقيت بمنزلة التأبيد، وهكذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة فكأنهم قاسوا هذا على ما ذكر في كتاب الطلاق في باب الإيلاء، إذا قال: والله لا أقربك إلى خروج الدجال إلى طلوع الشمس من مغربها، فإن هناك لا يصير في القياس مولياً، ويصير مولياً استحساناً ويجعل في الاستحسان ذلك التأقيت بمنزلة التأبيد كذا ههنا.
وإذا استأجر شيئاً إجارة طويلة صحيحة بدنانير دين موصوفة، فأعطاه مكان الدنانير دراهم، ثم تفاسخا العقد، فالآجر يطالب بالدنانير لا بالدراهم؛ لأن التعجيل مشروط في الإجارة الطويلة، والأجرة تجب باشتراط التعجيل في الإجارة الصحيحة، فإذا قبض مكان