للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول: في معرفة المدعي والمدعى عليه فنقول]

اختلف العلماء في الحد الفاصل بينهما، والمروي عن محمد رحمه الله أنك تنظر إلى المنكر منهما، فهو المدعى عليه، وهذا صحيح؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام جعل المدعى عليه هو المنكر حيث قال: «واليمين على من أنكر» ، فإن قيل: بهذا لا يحصل تمام الحد، فالإنسان قد يكون مدعياً وتكون اليمين من جانبه، كالمودع إذا ادعى الرد، قلنا: المودع بدعوى الرد ينكر الضمان، والخصومة إنما جرت لأجل الضمان، فجعل اليمين في جانبه لهذا.

وقال بعضهم: المدعي من يحتاج إلى الإثبات والإضافة إلى نفسه، ولا يكفيه مجرد النفي بأن يقول لغيره: هذا العين ليس لك، فبهذا القدر لا يصير مدعياً، ويحتاج إلى أن يقول: هذا العين لي والمدعى عليه لا يحتاج إلى الإثبات والإضافة إلى نفسه بل يكفيه مجرد النفي، فإن بمجرد قوله للمدعي هذا العين ليس لك يصير خصماً، ويكفيه ذلك من أن يقول: هو لي.

وبعضهم قالوا المدعي: من يكون مخيراً بين الخصومة والكف، وإذا ترك الخصومة يترك ولا يتبع، والمدعى عليه: من لا يكون مخيراً بين الخصومة والكف عنها، وإذا ترك الخصومة لا يترك بل يتبع.

وبعضهم قالوا: المدعي: من يستعدي على غيره بقول غيره.

وبعضهم قالوا: المدعي: من يدّعي ويتمسك بما ليس بثابت، والمدعى عليه من يتمسك بما هو ثابت.

بيانه: فيما إذا ادعى عيناً في يدي إنسان أنه ملكه وأنكر ذو اليد دعواه وقال: هو ملكي، فالخارج يسمى مدعياً، لأنه يدعي ما ليس بثابت له وهو الملك في هذا العين، وصاحب اليد يسمى مدعَياً عليه؛ لأنه يتمسك بما هو ثابت له، وهو الملك بظاهر اليد.

<<  <  ج: ص:  >  >>