للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو لم يدع وصية من الجد ولكن ادعى ديناً على أبيه صحت دعواه؛ لأنه لا تناقض في دعوى الدين، فصحت دعواه الدين وثبت الدين بإقامته البينة، وصار الثابت بالبينة كالثابت عياناً، ولو كان الدين ثابتاً معاينة كان له أن ينقض القسمة، وليس لعمه أن يقول: إن دينك على أبيك ليس على الجد، وقد أعطينا نصيب أبيك، فإن شئت بعه بالدين، وإن شئت فأمسكه، وليس لك أن تنقض القسمة؛ لأنه لا فائدة لك في النقض؛ لأن بعد النقض نقض دينك من نصيب أبيك لا من ميراث الجد؛ لأن له أن يقول: لا بل لي في النقض فائدة؛ لأن الثلث مشاعاً ربما يشترى بأكثر مما يشترى به مفرزاً فكان في النقض فائدة؛ لأنه يزداد به مال الميت.

وهذا كرجل مات وأوصى إلى رجل، وفي التركة دين غير مستغرق، وطلب الورثة من الوصي أن يفرز من التركة قدر الدين ويقسم الباقي بينهم كان له أن لا يقسم ذلك بينهم، ويبيع ذلك القدر مشاعاً، لأنه ربما يشترى بأكثر مما يشترى به المفرز؛ فيكون ذلك نظراً للميت كذا هاهنا.

ولو ادعى الوارث أنه كان اشترى نصيب أبيه منه في حياته بثمن مسمّى، ونقد الثمن وأقام البينة على ذلك فهو جائز؛ لأنه غير متناقض في هذه الدعوى؛ لأن شراه نصيب أبيه لا يوجب فساد القسمة، ولا ينافي ملك الجديد يقرره، وتكون القسمة جائزة؛ لأن ما ادعى من الشراء لو ثبت معاينة بقيت القسمة على الصحة كذا إذا ثبت بالبينة.

وإذا أقر الرجل أن فلاناً مات وترك هذه الدار وهذه الدار ميراثاً، ولم يقل لهم، ثم ادعى بعد ذلك أن الميت أوصى له بثلثه أو ادعى ديناً قبلت بينته؛ لأنه لم يصر متناقضاً في الدعوى؛ لأنه لم يسبق قبل هذا الدعوى سوى الإقرار الأول، أن هذه الدار متروك الميت؛ لأن ميراث الميت ما تركه الميت، والدين الوصية لا ينافي كونه متروك الميت؛ لأنهما إنما يقضيان من متروك الميت.

[الفصل التاسع: في الغرور في القسمة]

يجب أن يعلم أن كل قسمة يوجبها الحكم بأن كانت قسمة يجبر الآبي عليها كالقسمة في جنس واحد لا يثبت فيها حكم الغرور، وإن حصلت بتراضيهما، وكل قسمة لا يوجبها الحكم بأن كانت قسمة لا يجبر الآبي عليها يثبت فيها حكم الغرور كالقسمة في جنسين، أما في كل قسمة يوجبها الحكم، فإنما لا يثبت فيها حكم الغرور؛ إما لأن الحكم إذا كان يوجبها صار من حيث الحكم كالقاضي ألزمها؛ أو لأن كل واحد منهما مضطر في هذه القسمة وإن حصلت بتراضيهما على ما مرّ في مسألة «الكتاب» ، وبالاضطرار ينتفي معنى الغرور إنما يتحقق من المختار.

ألا ترى أن الشفيع عند استحقاق الدار المشفوعة لا يرجع بقيمة ما بنى على

<<  <  ج: ص:  >  >>